وما وجد في أشعار الأوربيون في شمال الأندلس، من كلمات عربية وإشارات إلى بعض العادات الإسلامية، كتخميس الغنائم، واختصاص الأمير بالخمس منها.
كذلك لمس محمد مفيد الشوباشي في كتيبه "العرب والحضارة الأوربية" هذا الموضوع؛ فأشارَ إلى أنّ من درسوا الأدب الأوربي، وتطوره قُبيل العصر الحديث؛ يلاحظون أن الشعراء "التروبادور" هم الذين أحدثوا أكبر أثر فيه، فتبدلت حاله كل التبدل، وعرف السبيل القوايم على حد تعبيره.
لقد كانت أشعار هؤلاء الشعراء الجوالين الذين ظهروا في أسبانيا خلال القرن العاشر الميلادي -على ما يبدو- لونًا من الزجل، تطور ودخلت عليه كلمات أسبانية، إلا أنه لم يفقد خصائص الشعر الأندلسي، حسبما يقرر الشوباشي الذي يستند في كلامه هذا إلى ما كتبه بعض من تطرق إلى ذلك الموضوع من الكتاب الأوربيين؛ كـ"إيميل هنريو و"بريفو" و"بربري".
والذي يبدو أن تأثير الشعراء التروبادور" قد انتقل بعد هذا إلى ألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا؛ وإن لم يدخل في تفصيلات القضية، اللهم إلا في رده على بعض من ينكر من الأوربيين، ما تدين به أشعارهم قبل عصر النهضة إلى الشعر العربي في الأندلس.
وفي كتابه (الأدب المقارن) يوضح الدكتور محمد غنيمي هلال موضوع تأثر شعراء التروبادور بالموشحات سواء في مضمون قصائدهم، أو في نظامه الموسيقي، قائلًا: "إنّ شعراء التروبادور" كانوا يعيشون في بلاط الملوك والأمراء، ويتغنون بالحب على نحو يذل فيه المحب لمحبوبته، ولا يجد في ذلك ما ينال من عزة نفسه، وإنه لوحظ أنهم يبنون قصائدهم في المتوسط من سبع مقطوعات، كما يفعل الوشاحون، وهو العدد الغالب على الموشحة.