أما أتباع ما يسمى بالمدرسة الأمريكية، فهم لا يرون أية غضاضة في المقارنة بين أي طرفين أدبيين بينهما وجه من وجوه التشابه، سواء كان هناك اتصال أو لم يكن، وهذا إن كان صحيحًا أنّ هذا المنهج هو منهج أمريكيٌّ حقًّا، إذ قد لاحظتُ أن العرب القدماء مثلًا في مقارنتهم الأدبية العفوية، لم يكونوا يلتفتون إلى شرط قيام مثل تلك الصلات، ولم يعرفوا أنهم يمارسون شيئًا اسمه الأدب المقارن، أو يستخدموا مصطلحاته.

والمأمول أن يكون في الدراسات الأدبية المقارنة معوان على التقارب بين الأمم، والتخفيف ولو قليلًا من غلواء العصبيات القومية، واحترام المبادئ، والقيم الإنسانية المشتركة بين البشر على اختلاف أوطانهم وحضاراتهم، والمأمول بالذات أن تتعلم الدرس الأمم الغربية التي تتخيل أنها قد جبلت من طينة أخرى غير الطينة التي جبل منها سائر الناس، وأنها إنما وجدت لتسود وتقود، وتتمتع بخيرات الكون دون سواها من البشر.

نقول: هذا هو المأمول، وإن كان المتحدث إليكم لا يعول كثيرًا على ذلك، فالنّفس البشرية ليست مطواعًا في الخير والسمو بهذ هـ السهولة، ولا يمكنها فيما أتصور أن تتخلى على العصبيات المذكورة تمام التخلي.

أما ما يقوله الدكتور حسام الدين خطيب من أن فكرة العالمية ليست جديدة في التار يخ الإنساني، بل لعل الإنسان خلق في الأصل عالميًّا؛ فالواقع يؤكد خلافه؛ لأنه إذا كان الإنسان مكونًا من عدة جوانب؛ كالجانب الفردي والجانب الوطني، والجانب الديني، والجانب العالمي؛ فان الغلبة في حالات التصادم بين الجانب الفردي أو القومي، والجانب العالمي تكون للجانب الأول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015