فلما سَمِعَ العفريتُ كَلامَه قال: لا تطمع فلا بد من موتك؛ فقال الصياد: هذا جني وأنا إنسي، وقد أعطاني الله عقلًا كاملًا، وها أنا أدبر أمرًا في هلاكه بحيلتي وعقلي، وهو يدبر بمكره وخبثه.
ثم قال للعفريت: هل صممت على قتلي؟ قال: نعم، فقال له: بالاسم الأعظم المنقوش على خاتم سُليمان أسألك عن شيء وتصدقني فيه، قال: نعم، ثم إنّ العفريت لما سمع ذكر الاسم الأعظم، اضطرب واهتز، وقال: اسأل وأوجز، فقال له: كيف كنت في هذا القمقم، والقمقم لا يسع يدك ولا رجلك، فكيف يسعك كلك! فقال العفريت: وهل أنت لا تصدق أنني كنت فيه؟ فقال الصياد: لا أصدق أبدًا حتى أنظرك فيه بعيني، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الرابعة: قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أنّ الصيادَ لما قال للعفريت: لا أصدقك أبدًا حتى أنظرك بعيني في القمقم، انتفض العفريت وصار دخانًا صاعدًا إلى الجو، ثم اجتمع ودخل في القمقم قليلًا قليلًا، حتى استكمل الدخان داخل القمقم، وإذا بالصائد أسرع، وأخذ سدادة الرصاص المختومة، وسَدّ بها فم القمقم ونادى العفريت، وقال له: تمن علي أي موتة تموتها لأرميك في هذا البحر، وأبني لي هنا بيتًا، وكل من أتى هنا أمنعه أن يصطاد، وأقول له: هنا عفريت، وكل من أطلعه يبين له أنواع الموت يخيره بينها، فلما سَمِعَ العِفريت كلام الصياد أراد الخروج فلم يقدر، ورأى نفسه محبوسًا، ورأى عليه طابع خاتم سُليمان، وعلم أن الصياد سجنه، وسجن أحقر العفاريت وأقذرها وأصغرها.
ثم إنّ الصياد ذهب بالقمقم إلى جهة البحر، فقال العفريت: لا لا، فقال الصياد: لا بد لا بد، فلطف المارد كلامه وخضع، وقال: ما تريد أن تصنع بي يا