ثم إن هناك من توجه لشرحها كمحمد بن سليمان المالقي، وعبد الله بن ميمون العبدري الغرناطي، وأبي العباس الشريشي، وعقيل بن عطية، ومقامات البطاليوسي، وابن المرابع الأزدي صاحب مقامة العيد، وابن القصير الفقيه، ولسان الدين الخطيب، بالإضافة إلى مقامتين لمحارب بن محمد الواد آشي، والمقامة الدوحية أو العياضية، ومقامة ابن غالب الرصافي.

ويبقى أبرز من تأثر بالمقامات الشرقية السرقسطي، وتُسمى مقاماته بالمقامة السرقسطية، وهي المعروفة باللزومية؛ وهي خمسون مقامة عارض بها مقامات الحريري.

والمقامة هي: حكاية عن حيلة تافهة بطلها مُتشرد ظريف، يتقمص في كل مرة شخصية معينة؛ فهو مرة قراد يسير بقرده؛ ليجمع الناس في حلقات، فيضحكهم، ويأخذ من أكياسهم. وهو مرة واعظ محترف يلج المساجد تدمع عينه، ويرتل آيات الذكر ورقائق الوعظ، وسير الصحابة، ومرة ثالثة ينحط لدرجات وبيئة، فيسرق أكفان الموتى، ويجمل خادمه ليوقعه في حبه المتهورين.

ويتوخى صاحب المقامة من ذلك: الوصول إلى قلوب الناس، وكسب مودتهم بمقدرته اللغوية، وألاعيبه اللفظية، وذلك بالإغراق في السجع والصناعة البديعية، حتى أن الدكتور عبد الله بن علي بن ثقفان قد سمى المقامة بالقصة اللغوية، وهذا ما جعل الأندلسيين يطلقون اسم المقامة على كل قطعة من النثر المنمق المرصع بالأشعار النفيسة.

وإذا انتقلنا إلى الحديث عن تأثيرها في الأدب الأوربي خاصة السردي منه: فإن كثيرًا من الباحثين تحدثوا عن تأثير فن المقامات في الأدب الأوربي تأثيرًا واسعًا متنوع الدلالة؛ فقد غزت هذه المقامات قصص الشطار الإسبانية بنواحيها الفنية، وعناصرها ذات الطابع الواقعي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015