وسألته أن يجعل داره رهينة لدي، ووثيقة في يدي؛ ففعل ثم درجته بالمعاملات إلى بيعها؛ حتى حصلت لي بجد صاعد، وبخت مساعد، وقوة ساعد، ورب ساع لقاعد، وأنا بحمد الله مشدود، وفي مثل هذه الأحوال محمود.
وحسبك يا مولاي أني كنت منذ ليالٍ نائم في البيت مع من فيه، إذ قرع علينا الباب، فقلت: من الطارق المنتاب؛ فإذا امرأة معها عقد لآل في جلدة ماء ورقة آل، تعرضه للبيع فأخذته منها إخذة خلس، واشتريته بثمن بخس، وسيكون له نفع ظاهر، وربح وافر بعون الله تعالى ودولته.
وإنما حدثتك بهذا الحديث؛ لتعلم سعادة جدي في التجارة، والسعادة تنبت الماء من الحجارة، الله أكبر لا ينبيك أصدق من نفسك، ولا أقرب من أمسك.
اشتريت هذا الحصير في المناداة، وقد أخرج من دور أهل الفرات، وقت المصادرات، وزمن الغارات، وكنتُ أطلب من مثله منذ زمن أطول فلا أجد، والدهر حُبْلَى ليسَ يُدرى ما يلد، ثم اتفقا أني حضرت باب الطاق، وهذا يعرض بالأسواق؛ فوزنت فيه كذا وكذا دينارًا، تأمل بالله دقته ودينه وصنعته ولونه، فهو عظيم القدر لا يقع مثله إلا في الندر، وإن كنت سمعت بأبي عمران الحصين فهو عمله، وله ابن يخلفه الآن في حانوته لا يوجد أعلاق الحصر إلا عنده؛ فبحياتي لا اشتريت الحصر إلا من دكانه، فالمؤمن ناصح لإخوانه لا سيما من تحرم بخوانه.
ونعود إلى حديث المضيرة؛ فقد حان وقت الظهيرة: يا غلام، الطست والماء، فقلت: الله أكبر ربما قرب الفرج، وسهل المخرج، وتقدم الغلام، فقال: ترى هذا الغلام، إنه رومي الأصل عراقي النشء، تقدم يا غلام واحسر عن رأسك، وشمر عن ساقك، وامض عن ذراعك، وافتر عن أسنانك، وأقبل وأدبر، ففعل