بإدمانه الخمر ومجاهرته بذلك، وهي المهاجرة التي أدت إلى أن يحبسه "سعد بن أبي وقاص" وهو القائل:
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة ... تروي مشاشي بعد موتي عروقها
ولا تدفنني في الفلاة فإنني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها
لكن لا بد أن نردف هذا بأنه -رحمه الله- قد تاب وأناب وصلح حاله، وأخذ يجاهد في سبيل الله، لكن أبا نواس هو أيضًا قد تاب وابتهل إلى الله أن يغفر له ويرحمه ويتجاوز عن زلاته.
وقبل العصر العباسي والشعوبيين لدينا "الوليد بن يزيد" الخليفة الأموي، وكان على ما تصوره الروايات وما ينسب إليه من أشعار متهتكًا متهالكًا على الخمر، ينظم فيها الأشعار التي لا يبالي فيها بحرمة أو حياء.
وقد قام المرحوم الجندي في كتابه المذكور آنفًا بحملة على استخدام الأدباء العرب للسجع والمحسنات البديعية؛ لكني لا أدري لهذه الحملة وجهًا؛ إذ أن استخدام السجع مسألة فنية ترجع إلى طبيعة اللغة العربية المعروفة بغنى معجمها، وموسيقية ألفاظها وتراكيبها، مما لا وجود له بهذه الدرجة فيما نعرفه من اللغات الأخرى.
ورغم أن الأدب العربي في العصور المختلفة قد جنح إلى الإسراف في تلك النزعة، حتى لقد غطى الاهتمام بتلك المحسنات على الاهتمام بالفكرة والشعور؛ فإن عصور القوة قد شهدت أدباء فحولًا كانوا يستخدمون السجع وغيره من الزخارف الأسلوبية استخدامًا عبقريًّا يبرز ما يريدون التعبير عنه من معان وأحاسيس على أبهى ما يكون، ومن هؤلاء الهمذاني والحريري صاحبا المقامات المعروفات.