تأثير للفرس، وحتى عندما أصبح الفرس ذوي نفوذ وتأثير في العصر العباسي؛ فإن هذا لا يعفي العرب من المؤاخذة، فهم ليس سذجًا أغرارًا ولا هم معتقون من الحساب كسائر البشر.
ثم إنه ليس ثمة دليل على أن بشار بن برد أو أبا نواس كان مجوثيًّا، بل هما -إلى أن يثبت العكس- كانا مسلمين يؤمنان بالله والرسول والقرآن، وإن لم تتطابق تصرفاتهما وقيم الإسلام في كل الأحوال، أي أنها في أسوأ الاحتمالات من المسلمين العصاة.
ولقد درست شخصية بشار وشعره منذ وقت طويل في كتاب كبير، فوجدت الرجل مسلمًا مثل أي مسلم آخر، وإن أخذت عليه سفاهته في بعض العبارات، وانحرافه في بعض المواقف والتصرفات، ومن منا يبرأ من العيوب في كل الأحوال! ومع هذا فأنا لا أنكر مثلًا أن أبا نواس هو زعيم الشذوذ الجنسي في الأدب العربي، إلا أن هذا لا يعفي الشعراء العرب الذين جروا في ركابه، واقتفوا سنته الكريهة، كما لا أنكر أن بشارًا هو صاحب الرائية الفاجرة التي نظمها في التفاخر بخداع فتاة صغيرة، والشماتة بما سببه لها من فضيحة والسخرية منها ومن وقوعها في حبائله.
أما الشعر الخمري فيرجِعُ إلى الجاهلية إذ كان العرب من المغرمين بشرب الخمر غرامًا شديدًا، حتى لقد احتاج الأمر إلى أن يحرم الإسلام على مراحل ثلاث لا دفعة واحدة، وفي الإسلام أيام الفتوح على عهد عمر، وقبل أن يظهر الشعوبيون أو يكون للفرس تأثير أي تأثير، كان هناك "أبو محجن الثقفي" المعروف