العرب قد وصلوا إلى نظم مثل تلك الأغاني إلا بعد أن كان فن الشارع قد نضج عندهم تمامًا.

وعند الدكتور "عمر فروخ" أن الشعر الذي وصل إلينا من الجاهلية يمثل دورًا راقيًا لا يمكن أن يكون الشعر قد بلغ إليه في أقل من ألفي سنة على أقل، غير أنه لم يصل إلينا من ذلك الشعر الأول شيء، وهذا موجود في كتابه (تاريخ الأدب العربي) في الجزء الأول.

أما من ناحية التأثير والتأثر في ميدان الشعر الغنائي، فمثلًا نرى أن عدد البحور الشعرية التي كان ينظم عليها الإيرانيون القدماء قصائدهم كان محدودًا، إذ لم تكن تزيد عن بضعة أبحر تشبه بحور الهزج، والرجز والمتقارب، والدوبيت العربية، إلا أن الأمر اختلف بعد الإسلام وانتشار اللغة العربية وآدابها في بلادهم، فقد رأيناهم ينقلون جميع الأوزان العربية لأشعارهم، مع اختلاف مساحة انتشار كل منهما هنا عنها هناك، فعلى حين يشيع في الشعر الفارسي بحور الهزج والرمل، والخفيف، والمتقارب، نرى أن الطويل، والكامل، والوافر والسريع والبسيط، والمتقارب هي أشيع البحور في شعر العرب.

وهناك القافية أيضًا، وقد أخذها الشعر الفارسي من نظيره العربي، كما أن كثيرًا من الألفاظ والصور البيانية قد انتقلت من الشعر العربي إلى الفارسي، وكان هناك رأي يقول بأن الشعراء الفُرس القدامى لم يكونوا يعْرِفُون الأوزان في نظم قصائدهم، بل كانوا ينظمونها مطلقة من الأوزان والتفاعيل، ثم نقلوا هذا عن العرب بعد الإسلام، إلا أنه ثبت أن الأمر خلاف ذلك، وأنهم كانوا يعرفون بعض الأبحر حسبما مر آنفًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015