وعلى الناحية الأخرى رأينا بعض الشعراء العرب يدخلون في أشعارهم ألفاظًا فارسية ككقول أحدهم:
وولهني وقع الأسنة والقنا ... وكافر كوبات لها عجر قفد
بأيدي رجال ما كلامي كلامهم ... يسومونني مردا وما أنا والمرد
والذي يفسره دكتور "محمد غنيمي هلال" بأن هناك في الغالب تحريف من الناسخ جعله يكتب "يسومونني" بدل من "يسمونني"، ويكون المعنى إذًا هو أنهم حين رأوه قالوا هذا رجل؛ لأن "مرد" معناها عندهم رجل، على حين ظن هو أنهم يظنونه واحدًا من المرد -أي: الغلام الأمرد.
ومن شواهد ذلك أيضًا قول "العماني الشاعر" في مدحه لهارون الرشيد:
لمّا هوى بين غياض الأُسْدِ ... وصار في كفِّ الهِزَبْر الوَرْدِ
آلى يذوق الدَّهْرَ آبِ سَرْدِ ... ...... ..... ...... .....
أي: حلَفَ ألّا يذوقَ الماءَ البارِدَ أبد الدهر، وهو ما أرجعه الجاحظ في كتابه (البيان والتبيين) هو أن الأعرابي قد يحب أن يتملح بإيراد شيء من كلام الفارسية في قصائده.
وهناك الموشحات ذلك الجنس الشعري الذي اشتهرت به الأندلس، وكانت تدور في كثير من نماذجها حول الغزل، كما كانت تخرج عن النظام العروضي والقفوي التقليدي الذي يجري على وتيرة واحدة ووزنًا وقافية من أول القصيدة إلى نهايتها حسبما هو معروف، والمعروف أن الموشحات تنتهي بما يسمي "الخرجة"، وكانت الخرجة تستعمل في كثير من الأحيان كلمات من اللغة الأوربية من أهل البلاد، فهذا تأثر من جانب الموشحات باللغة الأعجمية التي كان يتكلمها سكان الأندلس من أصل أوروبي.