ولقد فهمنا أن يقال: إن الشعر مرتبط بحاجة نفسية رغم تأكيدنا أن النثر هو أيضًا مرتبط بهذه الحاجة، كما أن الشعر مرتبط بالأفكار مثلما النثر مرتبط بها، لكننا لا نفهم كيف يكون الشعر مرتبطًا بحاجة الإنسان البيولوجية؟ أتراه يؤكل؟ أتراه يشرب؟ أتراه يساعد على التخلص من فضلات الأكل والشرب مثلًا؟ فكيف يقال: إنه يقوم بحاجة الإنسان البيولوجية إذًا؟ والكاتب ذاته لم يوضح ماذا يقصد بهذا بل ألقى كلمته، ومضى وكأنها مسألة بديهية لا تحتاج إلى توضيح أو حجاج رغم أنها بكل تأكيد ليست كذلك.

عمر الشعر العربي

كذلك من القضايا أيضًا التي تهمنا أيضًا في هذا السياق "عمر الشعر العربي":

يقول الجاحظ في كتابه (الحيوان): "وأما الشعر فحديث الميلاد، صغير السن، أول من نهج سبيله، وسهل الطريق إليه "امرؤ القيس بن الحجر" و"مهلهل بن ربيعة"، فإذا استظهرنا الشعر وجدنا له إلى أن جاء الله بالإسلام خمسين ومائة عام، وإذا استظهرنا بغاية الاستظهار فمائتي عام".

لكن الجاحظ لم يقدم دليلًا هذا الذي قال، إذ كيف يمكننا الاقتناع بأن الذي مهد السبيل للشعر هو امرؤ القيس والمهلهل بما يعني أنهما أول من قالا الشعر من العرب، وأن شعرهما من ثم يتسم بما يتسم به أول كل شيء، من البدائية وقلة الفن والسذاجة بالنسبة لما جاء بعده، على حين أن ما خلفه لنا "الملك الضليل" من شعر سواء من ناحية المقدار أو من ناحية القيمة الفنية، حتى لقد جعلوه أميرًا للشعراء الجاهليين، يكذب ذلك تكذيبًا شديدًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015