ويمكن أن يكون هامسًا أو مجلل النبرة، ويمكن أن يكون تأمليًا أو وصفيًا، ويمكن أن يكون سلطانيًّا أو قصصيًّا، ويمكن أن يكون موضوعيًّا أو ذاتيًّا.
ولا تناقض في شيء من هذا الكلام، فالحياة لا تعرف هذه الحواجز المصطنعة، التي تقول: إما هذا وإما ذاك، ولقد رأينا الكاتب نفسه يقرر أن الشعر الجاهلي كان مطابقًا مطابقة عجيبة لنظرية "المحاكاة الأرسطو طاليسية" وهذا شيء مخالف لما قرره قبلًا من أن الشعر الغنائي هو شعر الوجدان.
ومع هذا فإننا لا نوافقه على القول بأن شعرنا الجاهلي كان كله أو معظمه شعر محاكاة، إذ فيه وجدان كثير، وهذا الوجدان ليس وجدانًا غراميًّا فحسب؛ لأن الكلام عن الحروب وصف الحال مثلًا يدخل فيه الوجدان كما يدخل في النسيب للمرأة، ذلك أن العواطف والانفعالات الإنسانية ليست مقصورة على ميدان الحب وحده، بل هي أوسع من ذلك مدىً وأكثر تنوعًا.
وإن تتابع المدارس الشعرية المختلفة الاتجاهات، والميول والاهتمامات على مدى تاريخ هذا الفن، لهو دليلٌ لا يُصَدّ ولا يرد على صحة ما نذهب إليه، ذلك أن هذه الاتجاهات، لا تكره الشعر على غير طبيعته بل تستعمل إمكاناته الموجودة فيه على سبيل الفعل، أو على سبيل القوة، معتدلة في ذلك أحيانًا ومتطرفة أحيانًا أخرى، ولهذا نرى النقاد والشعراء يختلفون في تعريف هذا الفن تبعًا لتركيزهم على هذه الناحية أو تلك منه.
وهذا يفسر لنا تعدد التعريفات التي نجدها مثلًا في ( صلى الله عليه وسلمncyclopedia of literature and criticism - موسوعة الأدب والنقد) حيث تورد لنا مادة " Lyric" خمسًا من تلك التعريفات عازية كل منها إلى صاحبه أو صاحبته، ويذكر كاتب مادة " Lyric" في (معجم "بينجوين" لمصطلحات الأدب ونظرياته"