غفلة استورت1، كما تستوري النار عند القدح، ثم لا يبدأ ضرها إلا بصاحبها، كما لا تبدأ النار إلا بعودها الذي كانت فيه.
ذلِّل نفسه على الصبر:
ذلل نفسك بالصبر على جار السوء، وعشير السوء، وجليس السوء؛ فإن ذلك مما لا يكاد يخطئك.
واعلم أن الصبر صبران: صبر المرء على ما يكره، وصبره عما يحب.
والصبر على المكروه أكبرهما، وأشبههما2 أن يكون صاحبه مضطرًا.
واعلم أن اللئام أصبر أجسادًا، وأن الكرام هم أصبر نفوسًا، وليس الصبر الممدوح بأن يكون جلد الرجل وقاحًا3 على الضرب، أو رجله قوية على المشي، أو يده قوية على العمل، فإنما هذا من صفات الحمير.
ولكن الصبر الممدوح أن يكون للنفس غلوبًا، وللأمور محتملًا، وفي الضراء متجملًا4، ولنفسه عند الرأي والحفاظ5