للصورة الشعرية وآراؤهم المختلفة فيها خطورة تورطنا في فرض منهج وذوق حديثين على الصورة الشعرية القديمة.
ويعترف في مقدمة بحث آخر1 بأنَّ محاولته المقترحة لقراءة الشعر الجاهلي في 2ضوء المنهج الأسطوري ليست سوى خطوة على طريق الدراسات الخصبة التي ظفر بها هذا الشعرعلى أيدي القدامى والمحدثين من النقاد، وأن عمله هو إعادة تركيب هذه العناصر وتأليفها لخلق ما يصحّ أن يسمَّى منهجًا جديدًا لدراسة الشعر الجاهلي, يفك مغاليقه، ويكشف عن كنوزه التي ظلّت خافية على الدراسين القدامى، كما لا تزال خافية على الدراسين المحدثين، على الرغم من تنوّع مناهجهم واتساع ثقافاتهم.
وينعي الدكتور لطفي عبد البديع2 على طائفة من الباحثين اعتدت بأطراف من نظرية النقاد "تين"، وجعلت من الثالوث الذي ركَّبه من "الجنس والبيئة والعصر" عصًا سحرية تلقف ما عداها.
أما الدكتور مصطفى ناصف3 فيشكك في مزاعم الباحثين المحدثين، فهو لا يوافقهم على أن يكون الشعر القديم انعكاسًا مباشرًا لفكرة البداوة، فهو ليس شعرًا حسيًّا غليظًا يُعْنَى بوصف المحسوسات التي يراها الشعراء أمامهم في الصحراء المفتوحة، لا أثر من أثار الفكر والعقل فيه، وفي نهاية المطاف يدعو إلى قراءة الشعر الجاهلي قراءة ممعنة لنلحظ بوضوح أنه وافر الحظ من العمق والثراء.
والحقيقة أن المذاهب النقدية الغربية ليست ضررًا كلها ولا خيرًا كلها إذا أردنا وضعها في أحد القطبين، فهي قد نشأت بفعل تحولات فكرية واجتماعية وسياسية، فكل مذاهب نشأ عقب تغيير أو أكثر في المجتمع الأوروبي، وقد نشأ تعبيرًا عن ذلك الاتجاه, وليلبي حاجات جدت، وهي -أي المذاهب- لها مصطلحات نقدية وأدبية لها مدلولاتها وشحناتها الفكرية، والأدب الذي ينتج لم ينشأ من فراغ، فقد أنتجه وأبدعه أصحابه ليلبي حاجات معينة. فإذا حاولنا تطبيق هذه المناهج والمذاهب فينبغي أن نكون واعين لما نفعل، ولما نصطنع من مصلطحات.