بسم الله الرحمن الرحيم
بين يدي هذا البحث:
لم أكن أقدِّر حينما شرعت أجمع وأوثِّق وألخِّص ما صدر حول الأدب الجاهلي أن ذلك سيوضع بين دفتي كتاب، بل كان هدفي الوقوف على تلك الدراسات متعلمًا ومتذوقًا وناقدًا. كان ذلك منذ سنوات خلت, ونشرت"المكتبة الجاهلية" ولكنني سرعان ما اكتشفت أنها ناقصة من زوايتين، من حيث الكم: فقد كثرت الدراسات في السنوات الأخيرة, كما فاتني شيء مما كان قد نشر، ومن حيث عدم كفايتها في تعريف القارئ بطبيعة المادة التي حوتها تلك المؤلفات والبحوث.
وكان لا بُدَّ من معاودة النظر في كتابه بحث يختص بالتعريف بتلك الدراسات التي ينتظمها منهج معين، وبدأت أكتب، وإذا بالبحث يتسع حتى ضاق من اتساعه إمكانية نشره في دورية متخصصة، وكان لا مناص من نشره في كتاب.
ولا بُدَّ من توضيح أمور قبل الولوج إلى الكتاب:
أولها: أنه ليس كتابًا في تأريخ الدراسات النقدية جميعها، بل جهدت في أن أعرض لتلك الدراسات التي تبنت منهجًا معينًا, وطبقته على نصوص شعرية جاهلية.
وثانيها: أنني لم أتدخل في تلك المناهج ناقدًا ومقومًا, بل تركت كل منهج يعرض ملامحه العامة, وللقارئ أن يقارن ويحكم بعد ذلك، ويختار أيضًا المنهج الذي يرتضيه.
وثالثها: أنني أقِرُّ أن بعض الدراسات لم تكن في متناول يدي وإن كانت قليلة نسبيًّا، فمعذرة إن لم تنل حظها من العرض.
ورابعها: نظرًا لما لاحظته من نقصٍ في كتاب "المكتبة الجاهلية", فقد ضمَّنْتُ