وفي دراسة أخرى1 يذكر في المقدمة أن البحث يحاول أن يموضع دراسة الشعر الجاهلي على مستوى من التحليل يرتفع عن المستويات التاريخية والتعليمية والتوثيقية, أو اللغوية والبلاغية والانطباعية التي تتم عليها معظم الدراسات له الآن. ويهدف الباحث من خلال ذلك كله إلى تطوير منهج تناول لهذا الشعر يغذيه وعي نظري عميق بالأسس التحليلية التي تطرحها الدراسات المعاصرة, وبالتصوّرات التي تنطلق منها, والإشكاليات التي تثيرها، كما يرى أن الذي يسهم في تشكيل المنظور الذي يعاني منه الشعر الجاهلي في بحثه هو تلك الإنجازات التي تحقق في خمسة تيارات بحثية متميزة في هذا القرن هي:
1- التحليل البنيوي للأسطورة كما طوره كلودليفي- شتراوس في الأنثروبولوجيا البنيوية.
2- التحليل التشكيلي للحكاية كما طوره فلاديمير بروب في دراسته للتركيب التشكيلي لحكاية الحوريات.
3- مناهج تحليل الآداب المتشكلة في إطار معطيات التحليل اللغوي والدراسات اللسانية والسيميائية وبشكل خاصٍّ عمل رومان ياكوبس والبنيويين الفرنسيين.
4- المنهج النابع من معطيات أساسية في الفكر الماركسي, والذي أولى عناية خاصة لاكتناه العلاقة بين بنية العمل الأدبي وبين البنى الاجتماعية "الاقتصادية والسياسية والفكرية", ولعل لوسيان غولديان أن يكون أبرز النقاد الذين اسهموا في تطوير هذا التناول.
5- تحليل عملية التحليل الشفهي في الشعر السردي, ودور الصيغة في آلية الخلق، كما طوره ملمان باري وألبرت لورد.
أما الدكتور عبد القادر الرباعي فله دراسات عدة في الشعر الجاهلي، منها دراسة أقرب ما تكون عامة ليست مقتصرة على الشعر الجاهلي, موضوعها "الصورة في النقد الأوربي: محاولة تطبيقها على شعرنا القديم"2, وفي هذه الدراسة يقرر بأنه ملزم بالاعتماد على منهج تكاملي، ويعلل ذلك بأن البحث في الصورة معقَّد لكثرة الآراء المتضاربة حولها، وذلك ليتمكن من الانتخاب من الآراء الكثيرة المتعددة آراء صائبة، أو يعتقد صوابها.