أَنْشَدَنِي عَمِّي مُصْعَبٌ لعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ:
قَالَ عُثْمَانُ زُرْ حَبَابَةَ بِالْعَرْصَةِ ... تُحَدِّثْ تَحِيَّةً وَسَلامَا
قُلْتُ زُرْهَا وَائْتِ أُمَّ عَدِيٍّ ... تَرْتَدِي لَيْلَةً إِلَيْنَا الظَّلامَا
ثُمَّ نَلْهُوا إِلَى الصَّبَاحِ وَلا نَقْرَبُ ... فِي اللَّهْوِ وَالْحَدِيثِ حَرَامَا
وَصفُوهَا فَلَمْ أَزِلْ عَلِمَ اللَّهُ ... إِلَيْهَا مُسْتَوْلِهًا مُسْتَهَامَا
هَلْ عَلَيْهَا فِي نَظْرَةٍ مِنْ جُنَاحٍ ... مِنْ فَتًى لا يَزُورُ إِلا لِمَامَا
حَالَ فِيهَا الْإِسْلامُ دُونَ هَوَاهُ ... فَهُوَ هَوِيٌّ وَيَرْقَبُ الْإِسْلامَا
وَيَمِيلُ الْهَوَى بِهِ ثُمَّ يَخْشَى ... أَنْ يُطِيعَ الْهَوَى فَيَلْقَى أَثَامَا
أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُؤَمَّلِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: " زَعَمَوا أَنَّهُ لا يَصْفُوا لِأَحَدٍ عَيْشٌ يَوْمًا.
ثُمَّ قَالَ: لا تُخْبِرُونِي غَدًا بِشَيْءٍ.
وَجَلَسَ مَعَ حَبَّابَةَ، فَأَكَلا ثُمَّ أَكَلَتْ حَبَّابَةُ رُمَّانًا فَشَرِقَتْ بِحَبَّةٍ فَمَاتَتْ.
فَمَكَثَتْ ثَلاثًا لا تُدْفَنُ، ثُمَّ غُسِّلَتْ وَأُخْرِجَتْ، فَمَرَّ يَزِيدُ فِي جَنَازَتِهَا فَلَمَّا دُفِنَتْ، قَالَ:
فَإِنْ تَسَلْ عَنْكِ النَّفْسُ أَوْ تَدَعَ الصِّبَا ... فَبِالْيَأْسِ يَسْلُو عَنْكِ لا بِالتَّجَلُّدِ
وَكُلُّ حَمِيمٍ رَاءَنِي فَهْوَ قَائِلٌ ... مِنْ أَجْلِكِ: هَذَا هَامَةُ الْيَوْمِ أَوْ غَدِ
أَنْشَدَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ لِيَزِيدَ بْنِ مَارِيَةَ، مَوْلَى الأَنْصَارِ:
وَرَأَتْ عُثَيْمَةُ أَنَّنِي مُتَبَذِّلٌ ... نَشْوَانُ قَدْ أَهْلَكْتُ مَالِيَ أَجْمَعُ
فَتَجَهَّمَتْنِي ثُمَّ كَانَ جَوَابُهَا ... ارْجِعْ بِغَيْظِكَ لَيْسَ فِيهَا مَطْمَعُ
إِنَّا قَدِ أطْرَفْنَا سِوَاكَ مُحَدِّثًا ... سَمْحًا، سَجِيَّتُهُ مَرِيٌّ مرْتَعُ
قَدْ طَالَ مَا مَنَّيْتَنَا وَخَدَعْتَنَا ... فَاذْهَبْ بِشِعْرِكَ فَابْتَغِ مَنْ تَخْدَعُ
حَتَّى مَتَى تَهْذِي بِشِعْرِكَ عِنْدَنَا ... قَدْ مَلَّ سَمْعِي لَيْتَ شِعْرُكَ يَنْفَعُ
تَأْتِي فَتُخْبِرُنَا بِأَنَّكَ شَاعِرٌ ... وَالشِّعْرُ لَيْسَ بِنَافِعٍ لِلْجُوَّعِ
اجْعَلْ مَكَانَ قَصَيْدَةٍ هَيَّأْتَهَا ... لِلْقَوْمِ أَقْرَنَ ذَا قَوَائِمَ أَرْبَعُ
أَمَّا الْإِهَابُ فَقِرْبَةٌ تَسْقِيهِمُ ... وَاللَّحْمُ يُجْعَلُ لِلْقَدِيدِ وَيُخْلَعُ
وَالشَّحْمُ تَحْمِلُهُ جَمِيعًا كُلَّهُ ... فَيَكُونُ لِلْمِصْبَاحِ شَهْرًا يَنْفَعُ
وَالرَّأْسُ فِي كَرْشٍ فَيُصْبِحُ عِنْدَنَا ... فَهُنَاكُ يُرْوَى مَا تَقُولُ وَيُسْمَعُ
وَالصُّوفُ يُجْعَلُ فِي الْوَسَائِدِ نَافِعٌ ... وَتَرَى الأَكَارِعِ فِي الْحَشِيشِ تُزَلَّعُ
وَالقَرْنُ تَجْعَلُهُ نِصَابًا جَيَّدًا ... فَإِذَا الَّذِي أَهْدَيْتَ كلٌّ يَنْفَعُ
أَكْثِرْ لَهُنَّ مِنَ الدَّقِيقِ وَزَيْتِهِ ... وَالتَّمْرُ أَوْصَفُ بِالْعِيَالِ وَأَشْبَعُ
فَتَكُونَ فِينَا سَيِّدًا مَا زُرْتَنَا ... وَتَرَى عُثَيْمَةَ عِنْدَ قَوْلِكَ تَقْنَعُ
حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُمَحِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: " حَضَرَتْ رَجُلا مِنْ رَبِيعَةَ الْوَفَاةُ، فَقَالَ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ، إِذَا حَزَبَكَ أَمْرٌ فَاحْكُكْ رُكْبَتَيْكَ بِرُكْبَةِ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْكَ ثُمَّ اسْتَشِرْهُ.