وَمَا زِلْتُ أَسْعَى بَيْنَ نَابٍ وَدَارَةٍ ... بِلَحْيَانَ حَتَّى خِفْتُ أَنْ أَتَنَصَّرَا
وَحَتَّى حَسِبْتُ اللَّيْلَ وَالصُّبْحَ إِذْ بَدَا ... حِصَانَيْنِ مُشْتَالَيْنِ جَوْنًا وَأَشْقَرَا
وَإِنِّي لَوَهَّابٌ قَطُوعِي وَنَاقَتِي ... إِذَا مَا انْتَشَيْتُ وَالْكُمَيْتَ الْمُصَدَّرَا
لَشِعْبٌ مِنَ الرَّيَّانِ أَمْلِكُ بَابَهُ ... أُنَادِي بِهِ أَهْلَ الْكَبِيرِ وَجَعْفَرَا
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَطِيبٍ لَقِيتُهُ ... إِذَا قُلْتُ مَعْرُوفًا لَهُ قَالَ مُنْكَرَا
تُنَادِي إِلَى جَارَاتِهَا: إِنَّ حَاتِمًا ... أَرَاهُ لِعَمْرِي بَعْدَنَا قَدْ تَغَيَّرَا
تَغَيَّرْتُ إِنِّي غَيْرُ آتٍ دَنِيَّةً ... وَلا قَائَلٍ يَوْمًا لِذِي الْعُرْفِ مُنْكَرَا
رَأَتْنِي كَأَشْلاءِ اللِّجَامِ وَلَنْ تَرَى ... أَخَا الْحَرْبِ إِلا سَاهِمَ الْوَجْهِ أَغْبَرَا
أَخَا الْحَرْبِ إِنْ عَضَّتْ بِهِ الْحَرْبُ عَضَّهَا ... وَإِنْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِهَا الْحَرْبُ شَمَّرَا
مَتَى تَبْغِ وُدًّا مِنْ جَدِيلَةَ تَلْقَهُ ... مَعَ الشَّنِّ مِنْهُ بَاقِيًا مُتَأَثِّرَا
فَإِلا يُعَاودْنَا جَهَارًا نُلاقِهِمْ ... لأَعْدَائِنَا رِدْءًا دَلِيلا وَمُنْذِرَا
فَلا تَسْأَلِينِي وَاسْأَلِي أَيَّ فَارِسٍ ... إِذَا الْخَيْلُ جَالَتْ فِي قَنًا قَدْ تَكَسَّرَا
وَلا تَسْأَلِينِي وَاسْأَلِي بِيَ صُحْبَتِي ... إِذَا مَا الْمَطِيُّ بِالْفَلاةِ تَضَوَّرَا
وَلا تَسْأَلِينِي وَاسْأَلِي أَيَّ يَاسِرٍ ... إِذَا وَرَقُ الطَّلْحِ الطِّوَالِ تَحَسَّرَا
فَلا هِيَ مَا تَرْعَى جَمِيعًا عِشَارَهَا ... وَيُصْبِحُ ضَيْفِي سَاهِمَ الْوَجْهِ أَغْبَرَا
مَتَى تَرَنِي أَمْشِي بِسَيْفِيَ وَسْطَهَا ... تَخَفْنِي وتُضْمِرْ بَيْنَهَا أَنْ تُجَزَّرَا
أَيْ لا تَخْتَرِطُ مِنَ الْفَرَقِ.
إِذَا حَالَ دُونِي مِنْ سُلامَانَ رَمْلَةٌ ... وَجَدْتُ تَوَالِي الْوَصْلِ عِنْدِيَ أْبَتَرا
"
إِنَّ حَاتِمًا دَعَتْهُ نَفْسُهُ إِلَيْهَا بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ عِنْدِهَا، فَأَتَاهَا فَخَطَبَهَا، فَوَجَدَ عِنْدِهَا النَّابِغَةَ الذُّبْيَانِيَّ، وَرَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ مِنَ النَبِيتِ، وَهُمْ مِنَ الأَوْسِ، فَقَالَتْ: انْقَلِبُوا إِلَى رِحَالِكُمْ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَقَالَ غَيْرُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِيمَا حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ صَالِحِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءَ طَيِّئٍ، قَالُوا: كَانَتِ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا: مَاوِيَّةُ نَذَرَتْ نَذْرًا، لا يَخْطِبُهَا كَرِيمٌ إِلا تَزَوَّجَتْهُ، وَلا يَخْطِبُهَا لَئِيمٌ إِلا جَدَعَتْهُ، فَتَنَاذَرَهَا النَّاسُ، فَقَدِمَ عَلَيْهَا مِنَ الْجَبَلَيْنِ، جَبْلَيْ طَيِّئٍ، أَوْسُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ لأْمٍ الْجَدِيلِيُّ، وَزَيْدُ الْخَيْلِ النَّبْهَانِيُّ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ طَيِّئٍ، وَحَاتِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْحَشْرَجِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ أَخْزَمَ بْنِ أَبِي أَخْزَمَ، وَاسْمُهُ هزُومَةُ، وَهُوَ ابْنُ رَبِيعَةَ بْنِ جَرْوَلِ بْنِ ثُعَلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْغَوْثِ بْنِ طَيِّئٍ، فَقَالَتْ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالُوا: أَتَيْنَاكَ خُطَّابًا.
قَالَتْ: وَمَا الَّذِي قَدْ بَلَغَ مِنْ فِعَالِكُمْ أَنِ اجْتَرَأْتُمْ عَلَى خِطْبَتِي؟ فَقَالَ أَوْسُ بْنُ حَارِثَةَ: إِنِّي أَخَذْتُ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ شَارِبِي، فَقَالَتْ لِي سُعْدَى أَمِّي: إِنَّ لِأَخْذِكَ مِنْ شَعْرِ شَارِبِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَتَلَقَّطْتُ مَا كَانَ سَقَطَ مِنْ شَعْرِ شَارِبِي فَأَعْتَقْتُ بِكُلِ شَعْرَةٍ سَبِيَّةٍ مِنَ الْعَرَبِ.
وَلِي أَرْبَعَةُ آبَاءٍ قَدْ رَبَعُوا الْغَوْثَ وَجَدِيلَةَ، وَلِي أَرْبَعَةُ بَنِينَ كُلُّهُمْ مِنِّي خَلَفٌ.
قَالَتْ: أَمْسِكْ.