أَوْ تَسْتَقِيمَ لِي قَنَاتُكُمْ، إِنَّ كَذِبَةَ الْمِنْبَرِ، تُلْقَى مَشْهُورَةً فَإِذَا تَعَلَّقْتُمْ عَلَيَّ بِكَذِبَةٍ، فَقَدْ حَلَّتْ لَكُمْ مَعْصِيَتِي، مَنْ نُقِبَ عَلَيْهِ مِنْكُمْ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، فَإِيَّاكُمْ وَدَلَجَ اللَّيْلِ، فَإِنِّي لا أُوتَى بِمُدْلِجٍ إِلا سَفَكْتُ دَمَهُ، وَإِيَّاكُمْ وَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنِّي لا أَظْفَرُ بِأَحَدٍ دَعَا بِهَا إِلا قَطَعْتُ لِسَانَهُ، وَقَدْ أَحْدَثْتُمْ أَحْدَاثًا، وَقَدْ أَحْدَثْنَا لِكُلِّ ذَنْبٍ عُقُوبَةً، فَمَنْ غَرَّقَ قَوْمًا غَرْقَنَاهُ، وَمَنْ حَرَّقَ عَلَى قَوْمٍ أَحْرَقْنَاهُ، وَمَنْ نَقَبَ نَقْبًا نَقَبْنَا عَنْ قَلْبِهِ، وَمَنْ نَبَشَ قَبْرًا دَفَنَّاهُ حَيًّا، فَكُفُّوا عَنِّي أَيْدِيَكُمْ وَأَلْسِنَتَكُمْ، أَكُفَّ عَنْكُمْ يَدِي وَلِسَانِي، وَلا يَظْهَرْ مِنْ أَحَدٍ خِلافُ مَا عَلَيْهِ عَامَّتُكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ: وَخَطَبَ زِيَادٌ بِالْبَصْرَةِ، فَحَمَدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: كَمْ مِنْ مُغْتَبِطٍ سَيَبْتَئِسُ، وَكَمْ مِنْ مُبْتَئِسٍ بِنَا سَيَغْتَبِطُ، أَلا إِنَّ الْقُدْرَةَ تُذْهِبُ الْحَفِيظَةَ، أَلا إِنَّهُ قَدْ كَانَتْ بَيْنِي وَبيْنَ أَقْوَامٍ إِحَنٌ وَأَشْيَاءُ، وَقَدْ جَعَلْتُ ذَلِكَ دُبَرَ أُذُنِي، وَتَحْتَ قَدَمِي، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُحْسِنًا فَلْيَزْدَدْ إِحْسَانًا، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُسِيئًا فَلْيَنْزَعْ مِنْ إِسَاءَتِهِ.

إِنِّي لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدَكُمْ قَدْ قَتَلَهُ السُّلُّ مِنْ بُغْضِي لَمْ أَكْشِفْ لَهُ قِنَاعًا، وَلَمْ أَفْتَحْ لَهُ بابًا، وَلَمْ أَهْتِكْ لَهُ سِتْرًا، حَتَّى يُبْدِيَ لِي صَفْحَتَهُ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ أُنَاظِرْهُ، فَاسْتَأْنِفُوا أُمُورَكُمْ، وَأَعِينُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ يِرْحَمْكُمُ اللَّهُ، أَلا وِإِنِّي لا أَقُولُ قَوْلا إِلا أَنْفَذْتُهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي أَقُولُ قَوْلا لا أُنَفِذُهُ وَلا أَفِي بِهِ، فَلا طَاعَةَ لِي فِي أَعْنَاقِكُمْ.

قَالَ: ثُمَّ نَزَلَ، فَلَمَّا أَمْسَى سَمِعَ أَصْوَاتَ النَّاسِ، يَتَحَارَسُونَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: إِنَّ الْبَلْدَةَ مَفْتُونَةٌ، وَإِنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرَ لَيَأْخُذْهَا الْفُسَّاقُ، فَيُقَالُ لَهَا: نَادِي ثَلاثَةَ أَصْوَاتٍ، فَإِنْ أَجَابَكَ أَحَدٌ، وَإِلا فَلا لَوْمٌ عَلَيْنَا فِيمَا صَنَعْنَا، قَالَ زِيَادٌ: فَفِيمَ أَنَا؟ وَفِيمَ قَدِمْتُ؟ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَمَرَ فَنُودِيَ فِي النَّاسِ فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ أُنْبِئْتُ بِمَا أَنْتُمْ فِيهِ، وَسَمِعْتُ بَعْضَ ذَلِكَ.

أَلا وَإِنِّي قَدْ أَنْذَرْتُكُمْ وَأَجَّلْتُكُمْ شَهْرًا، مَسِيرَةَ الرَّجُلِ إِلَى الشَّامِ، وَمَسِيرَةَ الرَّجُلِ إِلَى خُرَاسَانَ، وَمَسِيرَةَ الرَّجُلِ إِلَى الْحِجَازِ، أَلا فَمَنْ وَجَدْنَاهُ بَعْدَ شَهْرٍ خَارِجًا مِنْ مَنْزِلِهِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادِ، فَمَنْ دُونَهُ، فَدَمُهُ هَدَرٌ.

قَالَ: فَانْصَرَفَ النَّاسُ يَقُولُونَ: هَذَا كَقَوْلِ بَعْضِ الْحُكَمَاءِ.

قَالَ: فَلَمَّا تَمَّ الشَّهْرُ دَعَا زِيَادٌ صَاحِبَ شُرْطَتِهِ، عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُصَيْنٍ الْيَرْبُوعِيَّ، وَكَانَتْ شُرْطَتُهُ أَرْبَعَةَ آلافِ رَجُلٍ، فَقَالَ: هَيِّئِ خَيْلَكَ وَرَجِلَكَ، فَإِذَا صَلَّيْتُ الْعِشَاءَ الآخِرَةَ، وَقَرَأَ الْقَارِئُ مِقْدَارَ سَبعٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَرُفِعَ الطُّنُ الْقَصَبُ مِنَ الْقَصْرِ، فَسِرْ فَلا تَلْقَيَنَّ أَحَدًا، عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ، فَمَنْ دُونَهُ إِلا جِئْتَنِي بِرَأْسِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015