وما نزل من الحق، لتكون قلوبهم متأهلة للافتتان بالشهوات.
وإذا جثمت على المجتمع فتنة الشبهات مع فتنة الشهوات فقد شقي وضل عن سواء السبيل، وهم يمهدون بالأولى للأخرى ليحدثوا الفراغ. عن جميع أنواع الحق الذي تقتضيه عبادة الله، فيشغلوه بالباطل كل على حسبه من ذلك الفراغ والعياذ بالله.
فالإنسان - ولو كان مسلماً - كلما ضعفت في قلبه محبة الله ومراقبته، وضعفت فيه الغيرة على دين الله ومحارمه مالت نفسه إلى ما تألفها وتشتهيها من ملذات الحياة الدنيا، دون مبالاة بحكم الله فيها، أو بسوء نتائجها، لأنه بحصول ذلك يندفع إليها اندفاعاً لا شعورياً يقضي به وطره، ويشغل به فراغه، الذي حدث له. فإن حصل له شيء من التوفيق ينيب به إلى الله، انجبر الصدع الذي نابه من طائق الشيطان، وإن لم يحصل له ذلك استمر في طريق الغي والهوى الذي ينسيه الله، فيعاقبه الله بأن ينسيه نفسه فيكون منهوماً بإشباع شهواته التي لا تنقضي، واتباع هواه الذي لا يقبل معذرة ولا تسويقاً، فيجعل قي قلبه الجشع والتلهف على ما يهواه، ثم الحسرة والغيظ على عدم نيله، مما يجره إلى مسكر ومخدر يغطي عقله ويريح شعوره المتبلبل،