من اتباع الهوى ويحظى بمخالفته إلا من استمسك بالعروة الوثقى بسلوك جميع ما يقتضيه توحيد الألوهية والربوبية فكان له القرآن هادياً والرسول صلى الله عليه وسلم قائداً، فلم يتبع نفسه هواها، ولم يستجب لشيء من همسات شياطين الجن والإنس أو نداءاتهم، بل يحصر استجابته في كل شيء لدعوة الله وندائه، متيقناً أنه لا يدعوه أو يناديه إلا لما يحييه الحياة المعنوية الطيبة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} .
عارفاً أن الله أقامه في الدنيا مقام جهاد متواصل بجميع أنواع الجهاد، جهاد النفس والهوى، وجهاد شياطين الجن والإنس الذين يغزونه بالباطل، ويوحون زخرف القول ويزينون له ما يخالف وحي مولاه مما يفسد قلبه ويفسد حياته.
ثم جهاد أعداء الله الذين يقعدون بكل سبيل يوعدون ويصدون عن سبيل الله، جهاداً متنوعاً متواصلاً يقمعهم به عن الوصول إلى غاياتهم الدنيئة، التي يخدعون الناس فيها بشتى الأسماء والألقاب.
جازماً أن من أقام نفسه هذه المقام وأشغلها في ذلك يحصل على الحياة الطيبة النافعة في الدارين، ويكون من جند الرحمن المنصورين وحزبه المفلحين، وأن من انعكس فلم يستعمل نفسه في طاعة الله والجهاد في سبيله فتح على نفسه أبواب الشر فغلبه هواه واستهوته الشياطين وانقضت عليه شياطين الإنس والجن من كل جانب فكسبوا نفسه