والخوف والرجاء والإجلال والطاعة والإنقياد والتوكل والإنابة، ودوام ذكر الله محبة وخضوعاً، فيمتلئ القلب من محبته وتعظيمه، بحيث لا يكون فيه فراغ لغير حب الله وما نزل من الحق، بل يكون الله أحب إليه مما سواه وأجل مما سواه ولا يرى اللذة والنعيم والسرور إلا بذلك، فيكون هذا القلب الذي هو ملك الأعضاء قد استكمل ملوكيته ومعنويته من الحياة والعلم وقوة الجنان ونفاذ البصيرة وكمال الرغبة إلى الله والاعتماد إليه والالتذاذ بذكره وتلاوة كتابه، فيكون القرآن ربيعاً لذلك القلب يرتع في حكمه ومواعظه وتوجيهاته أعظم مما ترتع الأجسام في الربيع الخصب، فيكون شفاء لهمه وغمه ومسلياً له يستغني به عما سواه، فلا يألف إلا الطاعات المزكية لنفسه المرغمة لعدوه من شياطين الجن والإنس، ولا يكون فيه هوى مخالفاً لما في كتاب ربه فيسلم من الأمراض التي تنشأ غالباً من المعاصي كما قدمنا، ثم يتحصن عنها ويحتمي منها بطاعة الله، فبتحقيق مقتضيات التوحيد ينفتح للعبد باب الخير والسرور واللذة والابتهاج، ويستنير القلب بنور الله الذي يكون له فرقاناً يفرق بين الحق والباطل والصحيح والسقيم فيكون نشيطاً في طاعة الله، قوياً في أمره، معظماً لشعائره، غيوراً على دينه وحرماته، مسارعاً لمرضاته، مبتعداً عن المخالفات التي ينشأ منها الإثم والحرج، مجتنباً معاصيه، محاذراً منها.
عالماً أن الهوى من أكبر أدواء النفوس، ومخالفته من أعظم أدويتها، ولا يسلم