(. . . [4] . . .) من الإسلام في الوقت الذي لم تأخذ المادة في قلوبهم محلا، فلما احتلت المادة والأنانية مكاناً في القلوب لعبت السياسة دورها في بث التفرقة والشقاق، باسم مذهب أو أسرة وباسم ملة أو نحلة وفلسفة، هذا كله مع التظلم من الأوضاع والتنديد بالمسؤولين والاختلاق والأكاذيب وتزوير الوثائق والمكاتيب لإضرام نار الفتنة والتحزب.
حتى جاء دور الحرب الصليبية الغاشم البشع، وما أعقبه من تعسف سياسي ومكر ومؤمرات لئيمة تصبغ بأسماء مذهبية، على الرغم من حسن معاملة المسلمين مع الغزاة المغلوبين والخونة المجاورين من أولئك.
وكل هذا امتداد لما قبله من الدسائس السياسية ضد الإسلام، ليشغلوا أهله في أرضهم ويوقفوا مده الثوري عنهم، فيبقى كالمريض في بيته.
فما يرى من ظاهر الطائفية المذهبية هو في الحقيقة مبادئ وأحزاب سياسية مطلية بطلاء المذهبية المختلفة، فالعيب والجريرة هي على السياسة الماكرة الكافرة، لا على الدين الصحيح الذي اختاره الله أساساً للوحددة بجميع معانيها.
ثم أن الصليبيين لما عجزوا عن محاربة الإسلام بالسيف غزوه غزوا ثقافياً بذلوا فيه الأموال الطائلة للمبشرين، ولما أخفقوا بعد مجهودهم الكبير وأيقنوا استحالة تنصير المسلمين، أبرموا