والمشروبات الأخرى، المسكرة منها أو المفترة أو المنعشة، ونحوها مما يتعاطاه المترفون أو الفارغون أو مبلبلو الخواطر الذين ما تطمئن قلوبهم ولا تأنس بذكر الله ولم تشتغل بواجبها مما ذكرنا آنفاً.
فكل ما يعتري النفوس من تناول هذه الأشياء أو الولوع بعشق المحبوبات لديها ناشء بسبب ذلك.
فإن المحب لله يشتغل بمقتضيات محبته ولوازمها مستلذ بمحبته أعظم من كل لذة تحصل بمحبة أي معشوق في الدنيا كما أنه يكون مندفعاً ومنهمكاً بالأعمال التي ينال بها القرب من محبوبه ورضاه.
فأهل الإيمان بعد تجريد توحيد قلوبهم لله وإقبالهم عليه دون ما سواه، يكونون حنفاء لله مخلصين له لا يحبون شيئاً إلا في الله ولله، ولا يتوكلون إلا عليه ولا يرجون أو يخافون إلا إياه ولا يسألون إلا منه ولا يوالون أو يعادون إلا فيه ومن أجله، فلا يكون للهوى عليهم سبيل، أو يكون منهم إلتفات إليه، إن حاربوه وطلقوه، لأنهم قد ثبت عنهم إرادة ما سوى الله بإرادته، ومحبة ما سواه بمحبته، وخوف ما سواه بخوفه، ورجاء ما سواه برجائه.
فبذلك حققوا عبوديتهم لله ومحوا الهوى الذي يتخذ آلها من دونه.
فلم يعتريهم في سائر سلوكهم شيء مما يزاحم الألوهية