اصطفاه الله لها، فلا يكون في قلبه فراغ ولا في أوقاته مجال أبداً لغير ذلك ومع هذا فلا يتبرم أو يضجر لما يخالطه من المحبة واللذة والغبطة والسرور في ذلك، متيقناً أن العزة والسؤدد والسعادة الكاملة والحياة الطيبة في الدارين إنما هي بتحقيق طاعة الله والقيام بواجب مولاه وجندية مولاه وحفظ حدود مولاه راجياً رحمته خائفاً من عذابه المتنوع.
وبإنشغال المؤمن بهذين الأصلين ومقتضياتهما مما قدمناه يكون قد طهر قلبه مما سوى الله، وملك جوارحه واستعملها في طاعة الله، وضبط أوقاته واستغرقها في خدمة وظائف الله بغاية الحب والسرور والاغتباط.
ومن كانت هذه حاله فلا تساوره الهموم والأحزان، ولا يعتريه السخط والملل، لأنه متنعم بما يجعله معتزاً، متشرفٌ بما يسلكه متوكلٌ على الله، مستعين به، راضٍ عن محبوبه جل وعلا، صابرٌ على بلائه جازمٌ أنه تربية لنفسه وسبكٌ لضميره أحسن وأحكم من تربية المخلوق للمخلوق الذي يصطفيه في مهمات الدفاع عن مبادئه وكيانه.
وإذا كان على هذه الحال فلا يمكن أن يلهو باللعب والطرب أو ينشغل بلهو الحديث عن مهماته العظيمة ووظائفه الشريفة، ولا أن يأكل أو يشرب ما يضر ببدنه أو يخامر عقله أو يفتر نفسه أو يخدر جسمه والمفترات، كالقات والشمة والتمباك والحشيشة