ويفتح للشياطين عليهم منفذاً ومجالاً، لأنهم قد صدقوا بقلوبهم وجوارحهم في محاربة الشياطين بسلاح وحي الله وتحصنوا منهم بقربه وطاعته ومحبته، فانتعشت قواهم الروحية والمعنوية بقوة إيمانهم ويقينهم وحبهم لربهم وأنسهم به وانشغالهم الدائب في طاعته واشتداد شوقهم إليه ورضاهم بما يصدر منه وعنه لفرط حبهم وحسن مقابلتهم للنعمة والمعروف.

قال ابن القيم رحمه الله: (ومن غلظ طبعه وكثفت نفسه عن فهم هذا والتصديق به فلينظر حال كبير - أو كثير - من عشاق الصور الذين قد امتلأت قلوبهم بحب ما يعشقونه من - جميل وجمال - جاه أو مال أو علم وقد شاهد الناس من ذلك عجائب في أنفسهم وفي غيرهم) ، انتهى بتصرف يسير هو ما بين الخطوط توضيحاً مني.

ولا شك أن ما يتأثر به القلوب والأرواح تنفعل به طبيعة البدن من كل شيء وفي كل شيء. وإذا كان القلب خراباً من قلة التوحيد والتوكل والتقوى والخشية من الله والتوجه إليه، أو خراباً من عدم ذلك بالكلية فإنه يكون مقفراً من روح الله أعزل من ذكره وأسلحة وحيه وحصانة حبه وقربه، فإنه يكون مصروعاً بشتى أنواع الصرع، صرع الهوى والشياطين وأكثر الناس صرعى من ذلك لا يفيقون من سكر الهوى الذي بواسطته صرعتهم الأرواح الخبيثة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015