الواجب المطلوب ليس الشكر باللسان الذي يشترك فيه كل الناس بأقوالهم الجوفاء.
ثانيهما: أن ينشغل بحمل رسالته التي اختاره الله لها واصطفاه لحملها، مقدراً ما هيأه الله له من هذه الوظيفة الشريفة، فيتشرف بكتاب الله، ويفرح به فرحة عظيمة لا تشبهها أي فرحة بأي نيل يناله، لأن القلب السليم يعرف أنه مهما نال من مُتَع الدنيا وخزائنها، فاتحاف الله له بالقرآن أعظم فائدة له من ذلك.
إذ فيه الشفاء والنور لقلبه والصيانة لجوارحه والعز والسؤدد والتفوق على غيره في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فهو مصدر عزه وسعادته، كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} .
فبقوة فرحته وتشرفه بالقرآن ومحبة منزله جل وعلا واستشعار عظمته، يتلوه حق تلاوته بالتدبر الصحيح، مستغنياً بهدايته عما سواها، ساعياً في تنفيذ أوامر الله وأحكامه، قائماً حق القيام بحمل هذه الرسالة الشريفة حملاً صحيحاً بتطبيق العمل الذي يكون به أسوة حسنة للناس أولاً، ثم بالدعوة والتبليغ والدفع به إلى الأمام ثانياً.
كيلا يسبقه أهل الدعوات الأخرى ويغلبوه على حمل رسالة مولاه، فينشغل غاية الإنشغال بأداء وظيفته الشريفة التي