المقدم: من الدعاوى -يا شيخ ناصر - التي يقولونها: أن هؤلاء الصحابة الذين أنتم تنادون باتباعهم والسير على نهجهم كان أول افتراق في عصرهم.
الشيخ: نعم، أول افتراق كان في عصرهم، لكن يجب أن نفهم جيداً أن الصحابة رضي الله عنهم ليسوا هم السبب في الافتراق، هذا أولاً.
ثانياً: لم يكن منهم رأس في الافتراق.
وبعبارة أدق: لم يكن من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من فارق الجماعة ببدعة أو بمنهج يتعلق بمصالح الأمة العظمى، بمعنى أنه لم يخرج عن السنة من الصحابة أحد، وإنما اختلفوا في الاجتهاديات.
المقدم: كيف نفسر الخلاف بين علي رضي الله عنه ومعاوية، وما حصل بينهما من اقتتال؟ الشيخ: كل خلاف بين الصحابة كان في الاجتهاديات، حتى قتالهم كان اجتهاداً فيه المخطئ وفيه المصيب، ولا يعدم كل منهم من الأجر أو الأجرين كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فهم مجتهدون، ولم يكن في الصحابة من يعتبر قدوة لأهل البدع والأهواء والافتراق على الإطلاق، ولذلك كان ظهور الخوارج والشيعة في عهد الصحابة، ثم كان ظهور القدرية في عهد متأخري الصحابة، ولم يكن في الصحابة أحد على هذه المذاهب على الإطلاق، بل بدأ الافتراق في الجيل الثاني والثالث وما بعدهما.
إذاً: أعود وأحرر العبارة بدقة؛ لأن هذه -في الحقيقة- مزلة قد توهم فيها بعض العلماء، فكيف بطلاب العلم ومن دونهم؟! فأقول: ليس في الصحابة من فارق الجماعة أو وقع في افتراق، وكل خلافاتهم التي وقعوا فيها هي في الاجتهاديات.