المقدم: هم -كما ذكرت يا شيخ- يقصون المجتمع الإسلامي بأكمله، فهناك مجتمع يريد تطبيق الشريعة، ويريد أن يعود إلى دين الله عز وجل، وهم يمارسون أحياناً -بالسيطرة على صحيفة إعلامية أو نحو ذلك- نوعاً من الإقصاء، ويلبسون على الناس بأن المجتمع هو الذي يطالب بهذا الأمور.
الشيخ: هذه أيضاً نقطة منهجية، والحقيقة أنه ينبغي أن ندرك الفرق بين المجتمعات المسلمة التي تدين بالإسلام حقاً، وبين المجتمعات التي ليس عندها دين كالإسلام إلهي شامل، وإلا فغالب الأمم الآن تدين بديانات، أليس كذلك؟ المقدم: بلى.
الشيخ: لكن ليس هناك دين يحمل منهج الحق الكامل المعصوم الشامل إلا دين الإسلام؛ لأنه دين الله الذي ارتضاه لعباده، وهو الباقي المحفوظ.
فيجب أن نفرق بين المسلمين وغير المسلمين في مسألة حرية الفرد، أو الممارسة الديمقراطية.
فنحن أمة ذات اختصاصات، ففي مصالح الأمة العظمى، والمصالح الشرعية، والمصالح الكبرى وما يتعلق بأمن الأمة وما يتعلق بولايتها، وما يتعلق بالمرجعية، وما يتعلق بحفظ الجماعة، وما يتعلق بحفظ البلاد ومقدَّراتها؛ في كل ذلك لا يستشار الناس، ولا نريد أن نصير مثل أمريكا وأوروبا؛ حيث يكون الرئيس أحياناً دمية في توجهات الغوغائية.
نعم، تكون الاستشارة فيما يتعلق بمصالح دنيا الناس، كالمجالس البلدية ونحو ذلك مما يتعلق بحقوق الأفراد.
المقدم: مجلس الشورى كذلك.
الشيخ: أي نعم، والمراد الشورى التي تكون عن طريق الناس الناضجين، فهذه أطر شرعية صحيحة، لكن لا يستفتى الناس في القضايا المحسومة شرعاً، فهذا غلط، فالديمقراطية لا تدخل في ثوابتنا؛ لأن الله عز وجل هو الذي قررها، والديمقراطية لا تنفي حقاً مما ثبت في الشرع، ولا ينبغي أن تفرض علينا باطلاً.
إن الغرب ليس عندهم دين يرتكزون عليه، فمن هنا احتاجوا إلى أن يستشير بعضهم بعضاً، ومع ذلك فإن تماديهم في الديمقراطية في القضايا الكبرى والمصالح العظمى أوقعهم في مشكلات ربما تؤدي إلى سرعة انهيارهم، ومع ذلك نقول: هذا أمثل ما يمكن أن يصل إليه الغربيون وغيرهم من الدول التي تحكم بذلك، فأمثل ما يصلون إليه هو هذا الطريق الديمقراطي، أما نحن فنأخذ من الديمقراطية ما يحقق الشورى بضوابطها الشرعية.
ولا نلغي الفرد، ولا نقيد حريته، لكن حريته منضبطة بالإسلام، ولا ننتهك الثوابت باسم الديمقراطية.
إن بعض الصور الديمقراطية تعتبر قريبة من النكتة، لكن وراؤها ما وراءها لو أخذت الأمور بدراسات.
ففي بعض الدول الإسلامية التي استشيرت فيها الغوغائية في بعض القضايا دون الرجوع إلى الشرع وصلوا إلى نتائج مخزية.
وأذكر أن أحد الباحثين في إحدى الدول قال: إنَّه في الدولة الفلانية كان من أسباب ترشح امرأة للرئاسة أنَّ صورها عرضت بشكل عاطفي في الشوارع وغيرها.
فهذا استهوى شباباً، واستهوى بعض البسطاء لمجرد الصورة والشكل، وهذا يدل على عدم نضج، فهل هذا طريق شرعي؟ المقدم: لا.
الشيخ: ليس طريقاً شرعياً، فهذه الأمور الكبرى تسند إلى أهل الحل والعقد، والديمقراطية معتبرة لكن في حدود، مثلما فعل الخلفاء الراشدون في ضبط الشورى.