فمن جهلهم المطبق: عدم التفريق بين الثوابت والاجتهاديات، ودعني أشير إلى أمر؛ لأننا نرجو أن يكون هذا الحديث معالجة لواقع؛ فليس هؤلاء العقلانيون فحسب هم الذين يجهلون التفريق بين ثوابت الحق وبين الاجتهاديات، بل يوجد من يجهل هذا من بعض المنتسبين للعلم بسبب التأثيرات الثقافية الوافدة، وهذا الزخم من التشكيك وضرب العقيدة وضرب المسلَّمات، فأثر ذلك حتى على بعض طلاب العلم الشرعيين.
وأحياناً أسمع من يستشكل في الثوابت، وإلى أي حد تكون الثوابت، وهل هناك ثوابت مختلف فيها.
وهذا خطير من قبل من عندهم إلمام بالعلم الشرعي، أما عامة الناس فقد يحدث منهم هذا الاشتباه.
المقدم: بعض الناس قد يتساءل فعلاً: ما هو ضابط هذه الثوابت؟ الشيخ: الثوابت: هي القطعيات التي تمثل أركان الإيمان وأركان الإسلام؛ هذا أولاً.
ثانياً: ما ثبت بنص قطعي من أمور الغيب؛ لأن أمور الغيب ليست قابلة للتفسيرات، فهي غيب، ولو كانت قابلة للتفسيرات والنظر ما صارت غيباً، ولما امتدح الله المؤمنين بالغيب.
الأمر الثالث: قطعيات الأحكام، أعني كون الربا حراماً، والغيبة حراماً، والكذب والغدر واستحلال الدماء حراماً، وكون الزنا حراماً، وكذلك السرقة؛ أليست هذه قطعيات؟! فهي ثوابت إذاً، وليست محل شك، نعم قد يكون المتغير هو بعض أحكامها، وبعض تطبيقاتها.
أيضاً: ما يتعلق بالثوابت العملية للدين، أعني مناهج الدين الكبرى، مثل: الجهاد بشروطه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشروطه، والولاء والبراء، ومحبة ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وبغض ما يبغضه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فهذه ثوابت، ولكن قد يتفرع عنها بعض الأصول التي هي محل شك؛ لأن نصوصها لم تثبت.
المقدم: ومحل خلاف.
الشيخ: ومحل خلاف، وكذلك الأحكام العملية المنبثقة عن هذه الأصول، ومنها الأحكام التفصيلية، الأحكام الشرعية التي تسمى مفردات الشريعة، فهذه اجتهاديات.
إذاً: الثوابت واضحة، وهم لا يفرقون بين الثوابت في الأشياء.