المقدم: دكتور فهد! كيف ينظرون للنصوص؟ مداخلة: النصوص يوظفونها على حسب ما يرونه، أو ما اعتادوه أيضاً، فإن كانت النصوص الشرعية فيها أمر ينبئ عن خرق للعادة؛ وظفوها على حسب معتقداتهم فأولوها؛ ولهذا ينكرون الجن؛ لأنهم لا يرونهم عادة، وينكرون الملائكة، أو يؤولون وجود الملائكة بأشياء اعتادوها وألفوها، كالجراثيم والميكروبات مثلاً، ويؤولون الجن بأرواح يزعمونها، وينكرون بعض الخوارق ويؤولونها بما لا تصبح به خارقة.
المقدم: هذه هي الوسيلة الوحيدة عندهم في التأويل فقط؟ مداخلة: هذا الذي أراه، وهو أن كل ما يرونه مخالفاً لما اعتادوه وألفوه يؤولونه بما يناسب القاعدة الأصل عندهم، وهو مخالفة العادة.
فالخوارق الواردة في القرآن أو السنة يتأولونها بما يخرجها عن مخالفة العادة، وهذه قاعدة كبيرة جداً؛ لأن كثيراً من النصوص الشرعية -كالواردة في شأن السحر- قد ينكرونه؛ لأنهم ما اعتادوه أو ما ألِفوه، أو لا تؤمن به عقولهم، فيؤولونه بما يوافق المعتقدات الحديثة.
المقدم: كأنك تشير -دكتور- إلى أن من أبرز القضايا التي عندهم في التعامل مع النصوص: مسألة التأويل والتحريف، أعني تحريف النص عن ظاهره.
كان معنا الأستاذ الدكتور فهد بن عبد الرحمن الرومي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بجامعة الملك سعود.
شكراً لك دكتور فهد.
أشار الدكتور إشارة سريعة إلى مسألة تأويل النصوص، وأن بعضهم قد ينكر الأمور الغيبية، مثل الجن، كالفلاسفة وغيرهم، ونعود إليكم دكتور ناصر.
أخذنا بعض المعالم الأخرى لمنهج أولئك العقلانيين؟ الشيخ: أولاً: أنا أؤكد على ما قاله أخي وزميلي الدكتور فهد، وهو -في الحقيقة- يشاركني في هذا التخصص؛ لأنه صاحب كتاب (المدرسة العقلية في التفسير) كما أشرت، وله باع في هذا، ويعتبر كتابه مرجعاً في هذا التخصص.
فما أشار إليه من أن أصحاب هذه الاتجاهات العقلانية ألفوا أشياء من العوائد صحيح، لكن أحب أن أنبه على أمر، وهو أن الدكتور فهد لا يقصد بالعوائد العادات الأخلاقية فقط، بل يقصد بالعوائد: ما اعتادوه من الأفكار، وما اعتادوه من الطروحات، وما اعتادوه من أنواع الثقافة.
فأنماط الثقافة التي تلقوها أصبحت عندهم راسخة في أذهانهم وكأنها عوائد فكرية وعوائد ثقافية، كما أن هناك عوائد عملية موروثة، فهذا صحيح، وأنا أوافق الدكتور عليه.
المقدم: وجعلوا هذه العوائد كالقواطع العقلية.
الشيخ: نعم؛ لأنها ترسخت في أذهانهم، وليس عندهم موازين، والذي ليس عنده موازين يمتلأ عقله وفكره بأي وافد، وإلا فلماذا نجد جماهير عباد الأصنام من العامة قد تشبعوا بما ينافي عقولهم من عبادة الحيوانات وعبادة أشياء حقيرة نسأل الله السلامة ما أحب أن أسميها، وأعود إلى ما ذكرته.