وقيل لصبي يلعب على بابهم: من أبوك يا غلام؟ وكان اسم أبيه كلباً، فقال: وَوْ وَوْ وَوْ. وسماه بصوته؛ لأن الذي تهيأ للكلب وَوْ، وعف [عفْ] وأشباه ذلك.
والعرب تخبر عما لا يعقل إخبارها عمن يعقل مجازاً وتوسعاً؛ فمن ذلك: أنه كان مكاتب لبني منقر ظلع بمكاتبته أي: عجز عنها، فأتى قبر غالب أبي الفرزدق فاستجاربه، فأخذ منه حصيات فشدَّهن في عمامته، ثم أتى الفرزدق فخبَّره، ثم قال: إني قلت شعراً. فقال: هاته فقال:
بقبر ابن ليلى غالب عذت بعدما ... خشيت الردى، أو أن أرد على قسر
بقبر امرئ يقر البنين عظامه ... ولم يك إلا غالباً ميت يقري
فقال لي: استقدم إمامك إنما ... فكاكك أن تلقى الفرزدق بالمصر
فخبر عن ميت بالقول.
والعرب وأهل الحكمة من العجم يجعلون كل دليل قولاً؛ فمن ذلك قول زهير:
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم ... ............
عنده أن يبين بما يرى من الآثار فيها عن قدم أهلها وحدثان عهدهم. وكذلك قوله: "فقال لي استقدم إمامك"، البيت، أي: جرب مثل هذا منك في المستجار به،