[بها] الله تعالى. قال: والذي احتج به من البيت ليس له فيه حجة لأن المعنى كانت لهذا الفقير حلوبة فيما مضى وليست له الآن حلوبة. والذي احتج به من قول الأعرابي يجوز أن يكون أراد: لا والله بل أحسن حالاً من الفقير.

والفقير معناه في كلام العرب الذي نزعت فِقْرته من ظهره، فانقطع صلبه من شدة الفقر، ولا حال هي أوكد من هذه. والدليل قوله تعالى: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} أي قد لصق بالتراب من شدة الفقر. فلما نعته الله بهذا النعت علمنا أن ليس كل مسكين على هذه الصفة، ألا ترى أنك إذا قلت: اشتريت ثوباً ذا علم، نعتَّه بهذا النعت لأنه [ليس] كل ثوب له عَلَم. فذلك المسكين الأغلب عليه أن يكون له شيء، فلما كان هذا المسكين مخالفاً لسائر المساكين بيّن الله نعته.

وعنه صلى الله عليه وسلم: "ليس المسكين الذي تردُّ اللقمة واللقمتان، لكن المسكين الضعيف. اقرأوا إن شئتم: لا يسألون الناس إلحافاً"، وعنه صلى الله عليه وسلم: "أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين". ومعنى المسْكنة ههنا التواضع والإخبات، فكأنه سأل الله تعالى أن لا يجعله من الجبارين، ولا يحشره في زمرتهم.

والمسكنة: حرف مأخوذ من السكون، يقال: تمسكن الرجل، إذا لان وتراجع وخشع؛ ومنه قوله صلى الله عليه وسلم للمصلي: "تبأس وتمسكن وتقنع رأسك"؛ يريد: تواضع وتخشَّع الله. وكان داود عليه السلام فيما آتاه الله من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015