وإلاّ فلا يخطر ببال أحدنا جزماً أن يسمي أبو داود كتابه سنن أبي داود!، وكذا النسائي وكذا أحمد وكذا معمر ... الخ
أقول: ربما كتبوا مثلا: السنن، أو المسند أو الجامع، أو المصنف .. -أقول ربما - ثم جاء تلامذتهم وزادوا فيه اسم الشيخ للتمييز، ولو سلمنا بهذا جدلاً فلا ينفي أصل القول من أنهم لم يسموا كتبهم بهذا التسمية، ولهذا تجد اختلافاً كبيراً في اسم كتاب واحد، فمثلاً: الدارمي بعض النسخ المخطوطة جاءت (سنن دارمي)،وبعضها (مسند الدارمي)،وبعضها (المسند الصحيح الجامع)،وكذا الترمذي: مرة سمي بـ (جامع) ومرة (سنن)،ومرة (الجامع الصحيح)، ومرة (الجامع الكبير)،ومرة: (الجامع المختصر من السنن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل) .... وهكذا.
وتدرك هذا الاختلاف في الاسماء بشكل أدق في المعاجم المسندة والأثبات، كونهم يوردون اسماء الكتب بصورة أدق من غيرهم ممن يكتب في التراجم والسير، الذين يوردون الأسماء باختصار وتصرف، ومن هذه الفهارس المسندة: فهرسة ابن عطية الأندلسي المحاربي (ت 542هـ)،وفهرسة ابن خير الإشبيلي (ت: 575هـ)، وبرنامج الوادي آشي الأندلسي (ت 749هـ)، والمعجم المفهرس لابن حجر العسقلاني (ت852)،وغيرها.
فالأمر الذي يجب التنبه إليه: أنّ اسماء الكتب اليوم هي ليست من نسج المصنف بالضرورة، وإنما قد تكون من نسج الطلاب أحياناً، ومن تصرف النساخ غالبا، وهذا الأمر يستحق الدراسة والتتبع لأنه تترتب عليه -اليوم- أمور كثيرة، فلو ثبت أنّ اسم الترمذي (الجامع) يختلف عنه لو كان (الصحيح) أو (السنن)،وهذا يعرف فرقه طلبة العلم.
لذا فلا تجد إماماً من الأئمة يذكر اسم مصنفه في مصنف له ثان، بل يقول: كتابي الكبير (?)،أو كتابي الأخر، أو يصفه بصفة ما بما يميزه للسامع أو للقارئ.
وربَّ معترض يعترض علينا أنّ الإمامين البخاري ومسلماً قد سمّيا كتابيهما، كما درسه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله، ورجح هناك أنّ اسم صحيح البخاري: (الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور