وهكذا في اختلاف النسخ عن كل الأئمة، ولذا تجد كلما زاد عدد الرواة عن الشيخ زادت اختلافاتهم، وهو أمر طبعي، يدل على ورعهم، وتعظيمهم لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو كانت على زماننا لسلخ بعضهم من بعض! نسأل الله العافية.
فلم يكن شائعاً في زمان الأئمة رحمهم الله كتابة اسماء مصنفاتهم على كتبهم، أو حتى إطلاق أسماء معينة، فهم يسمون مصنفهم بوصفه طريقة تصنيف: مسند، جامع، صحيح، مختصر ... وهكذا كانوا يترك أكثرهم الكتب المجموعة في مصنف واحد دون أسماء، ويضعون لهم شروطاً يصرحون بها أحياناً ويسكتون أحياناً أخرى،،ويضع بعضهم -القليل - مقدمات توضح تصرفهم، ولكنهم في الغالب لا يطلقون عليها اسماً معيناً.
يقول الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله:"والشافعي لم يسمِّ الرسالة بهذا الاسم، إنما يسميها (الكتاب) أو يقول كتابي أو كتابنا. وانظر الرسالة (رقم 96، 418، 420، 573، 625، 709، 953) وكذلك يقول -الشافعي- في كتاب (جماع العلم) مشيراً إلى الرسالة:" وفيما وصفنا ههنا وفي (الكتاب) قبل هذا " (?).ويظهر أنها سميت (الرسالة) في عصره، بسبب إرساله إياها لعبد الرحمن بن مهدي " (?).
ثم هذا الجمع إما أنْ يكون مرتباً على أبوب الفقه: كتاب الطهارة، وكتاب الصلاة .. ،أو يرتب على شكل مسند فيكون كل جزء حاوياً على حديث صحابي ما، كحديث أنس، وحديث جابر، وحديث أبي هريرة، ثم تجمع بعدها من قبل الإمام المصنف أو تلامذته، وهكذا.
ثم تشتهر بين تلامذته -من بعد المصنِّف-باسم الصحيح، أو سنن فلان، أو مصنف فلان، أو جامع فلان .... ولهذا لم يشتهر عنهم القول: حدثنا فلان في جامعه أو سننه، ولا يعزون إلى اسمه، بل يقول: في كتابه. أو يقول: من حديثه. فاطلق المحدثون من بعد زمن المصنفين الأُول أسماء تلك الكتب باعتبار وصفها لا أنها اسم من نسج المصنف، فأطلقوا (المصنَّف) على طريقة معينة لجمع الرويات ثم قالوا: (مصنف عبد الرزاق)، (مصنف ابن أبي شيبة)،والجامع على طريقة أخرى، فقالوا: (جامع معمر)،وأطلقوا السنن على طريقة ثالثة، فقالوا: (سنن أبي داود)، (سنن النسائي) .. وهكذا.