ووجد فيه قوله عز وجل: {إني جاعلك للناس إماما} وقوله: {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا} تبين الصواب في الائتمام به والاقتداء بالأثر الباقي منه، وهو مقامه ومرسخ قدميه في ذلك الحجر، ثم إن إبراهيم صلوات الله عليه نبي الله عز وجل قد أكرمه بخلته، واصطفاه برسالته، وآثره لتشييد بيته وتطهيره وعمارته، وأمره بدعاء الناس إلى حجه وقضاء المناسك التي هي أعلى مشاعر طاعته، وإنما بنى البيت ليتخذ قبلة ويصلى إليه، ووجد مع ذلك بحضرة البيت هذا الحجر الذي فيه مقامه، وآثار قديمه قد ساخت في ذلك الحجر الصلد، فوقع له أنه تذكرة من شخصه، وآية دالة على نباهة قدره، ومثوبة له على ما كان من رضي فعله، ولعله قد تصوره مما جرت به عادات الملوك الأولين والعظماء من المتقدمين من تخليد اسم الباني في البناء ونقره في أحجاره ليبقى بذلك ذكره، ولا يجهل في غاير الأيام أمره، فدعت جملة هذه المعاني عمر وما دعاه منها ومن غيرها مما لم يحضرنا ذكره إلى أن سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل ذلك الحجر الذي فيه أثر مقامه مصلى بين يدي القبلة يقوم الإمام عندها، فتبين بذلك فضيلته ويبقى عليها سمته، ويجري عليها حكم ولايته، وتدل على وجوب إمامته والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015