وذلك حتى يعلمهم ويبين لهم الحق، قال الله تعالى: {خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199] ، فما دام أنهم جاهلون فأعرض عنهم حتى يتبين لهم الحق، ويتبين لهم أنهم على غير الحق، فإذا علمتموهم بعد ذلك فألزموهم، فبين ثم الإنكار والعقوبة يكونان بعد البيان وإقامة الحجة عليهم، ومنهم الجهلة الذين يصدر منه بعض الأشياء التي تدل على جفاء وإعراض ونحو ذلك، فهذه الكلمات تدل على أنهم جهلة، كما في قصة ذلك الأعرابي - عيينة بن حصن - حينما دخل على عمر رضي الله عنه، وكان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من قادة العرب وأشرافهم، وكان يتألفهم ويعطيهم من المال ما يتألفهم به، فلما قوي الإسلام في عهد عمر جعلهم كأفراد الناس، فجاء ودخل على عمر رضي الله عنه وهو خليفة المسلمين فقال له: هيه يا ابن الخطاب، فو الله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل.
فـ عمر رضي الله عنه أغضبته هذه الكلمة، وكان عنده الحر بن قيس، وهو ابن أخي عيينة، فقال: يا أمير المؤمنين! إن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199] ، وإن هذا من الجاهلين.
قال: فو الله ما جاوزها عمر، وكان وقافاً عند كتاب الله تعالى.