ولما قتل المهدي ابنه عبيد الله بن أبي عبيد الله على الزندقة، قال له: لا يمنعك ما سبق به القضاء في ولدك، من ثلج صدرك، وتقديم نصحك، فإني لا أعرض لك رأياً على تهمة، ولا أؤخر لك قدماً عن مرتبة! فقال: يا أمير المؤمنين، إنما كان ابني حسنةً، من نبت إحسانك أرضه، وتفقدك سماؤه، وأنا طاعة أمرك وعبد نهيك، وبقية رأيك لي أحسن الخلف عندي.. ويقال: إن المهدي قال له: إنه لو كان في صالح خدمتك، وما تعرفناه من طاعتك، ما يجب بمثله الصفح عن ولدك، ما تجاوز أمير المؤمنين ذلك إلى غيره، ولكنه نكص على عقبه، وكفر بربه! فقال أبو عبيد الله: رضانا عن أنفسنا، وسخطنا عليها يا أمير المؤمنين موصول برضاك وسخطك، ونحن خدم نعمتك، تثيبنا على الإحسان فنشكر، وتعاقبنا على الإساءة فنصر! فاحتال الربيع بن يونس حتى غير عليه المهدي، وزين له استعمال يعقوب بن داود، فجعلت حال أبي عبيد الله تتناقص، وحال يعقوب تتزايد، إلى أن سماه المهدي أخاً في الله ووزيراً، وأخرج بذلك توقيعات ثبتت في الدواوين، فقال في ذلك سلم الخاسر: