وهذا الغزو الذي يسر في طاغية الروم كل مرام، وعم سرارة أرضه بالسير فيها عاماً بعد عام، أهل البيت الحفصي الكريم يتولى، وعن آرائهم المرتضاة وسيوفهم المنتضاة، حل وتجلى، حظ سواهم منه زهيد، وشهيدهم على ما أقول شهيد، لا جرم أن رأيتهم الحمراء نصرت على بني الأصفر السمحة البيضاء هي التي فعلت هناك الأفاعيل، ودمغت بالحق الذي عقدت لإقامته الأباطيل، عادة في الحفاظ عدوية، وشنشنة مخزومية لا أخزمية، وحسب الدول بسلف أربوا على الملوك الأُول، يجدون مر المهالك أحلى من العسل، ويعتقدون أعلى الممالك ما بني على الأسل، خلفهم خليفة الله في عباده وبلاده، ومجاهد الكفار والمنافقين فيه حق جهاده، القائم الهادي بالحق الواضح البادي، والعدل المقاص في الحاضر والبادي، فملك البسيطة حزنها وسهلها، وتقلد الإمامة وكان أحق بها وأهلها، مناقب تبهر النجوم الثواقب، وشمائل تفاخر الأواخر والأوائل، استحقت على الأمراء الممادح والمحامد، واسترقت من الشعراء القصائد والمقاصد، فلو أُنسئ أبو نواس لما اعتمد سواه بقوله، وإن كان طويل الثناء قاصراً عن طوله:
إذا نحن أثنينا عليك بصالحٍ ... فأنت كما نثني وفوق الذي نثني