مدرجها المرسوم، كأنهم من البحر لج موجه متراكب، أو سحاب خريف زعزعته الجنائب ...
ثم أجازنا وادي تاجو إلى جنابها الإسلامي، وهو منشأ دوحها المائس الأعطاف، وحدائقها الغلب وجناتها الألفاف ... وفيه المنية التي كانت جنة الكافر ومأواه، وحظه من أُولاه وأُخراه، فكر على الجميع المؤمنون كرةً، فكان انجعافه بإذن الله مرة، ولم يكن بين رؤيته في ملاءة الحسن والابتهاج، وتضاؤله في شعر مسودة كالليل الداج، إلا بمقدار ما غير الله نعمته بالبؤس، وبدله من الأمن والخفض بالخوف والجوع وهو شر لبوس ... وطالما كانت حجراً على النوائب، بسلاً على الجيوش الكثيفة والكتائب، وها هي اليوم وخيل الله تمرع في شعابها آمنةً، ورماح الموحدين تندق في أبوابها طاعنةً أسيرة الركب وقعيدة الخطب وضعيفة الحيل، ولقىً بين أرجل الخيل، ليس بينها وبين المجاز ناقوس يضرب، ولا صليب ينصب؛ لا إهلال لغير الله، ولا نداء إلا بذكر الله، حتى ينجز الله وعده في سنامها، ويفيض نور الملة المحمدية على ظلامها.