ذكر ابن عبدوس أن هشام بن عبد الملك لما أفضت إليه الخلافة بعد أخيه يزيد، وهو في ضيعته بالرصافة، ومعه جماعة من أصحابه، فيهم سعيد بن الوليد الكلبي الأبرش، وكان كاتباً له وغالباً عليه، فلما قرأ هشام الكتاب، سجد وسجد من كان معه من أصحابه، خلا الأبرش، فقال له هشام: لم لا تسجد كما سجد أصحابك؟ فقال: وعلام أسجد؟ على أنك كنت معي فطرت فصرت في السماء! قال له: فإن طرنا بك معنا؟ قال: الآن طاب السجود. قال: وأنكر هشام عليه شيئاً بعد ذلك، واشتد غضبه فشتمه، فقال الأبرش: استحييت لك، ليس بينك وبين الله واسطة، وأنت خليفته في عباده وأرضه، تقول يا بن الفاعلة! والله لو قال هذا عبد من عبيدك لآخر مثله لكان قبيحاً!. فاستحيا هشام منه وقال: فاقتص مني وقل لي كما قلت لك، فقال: إذن أكون سفيهاً مثلك! قال له: هبها لي، فقال: قد فعلت، فقال هشام: والله لا أعود إلى مثلها أبداً.