وما أصف نفسي عجباً، بل شكراً، وقد قال صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم ولا فخر! فجهر بالشكر، وترك الاستطالة بالكبر.
روى العتبي في كتاب الجواهر له، عن إسماعيل بن أبي أُويس، ما تلخيصه وإيجازه: أن كاتباً للحجاج ولم يسمه علق جارية كانت تقف عليه، وتمر بين يديه، وعلقته، فكانت تسلم عليه بحاجبها إذا غفل الحجاج، فكتب يوماً بين يديه كتاباً إلى عامل له، ومرت الجارية ولم تسلم، خوفاً أن يفطن الحجاج، فأحدثت في نفس الكاتب ما أذهله، حتى كتب عند فراغه من الكتاب: مرت ولم تسلم! وختمه بخاتم الحجاج على العادة، فلما ورد الكتاب على العامل أجاب عن فصوله كلها ولم يدر ما معنى قوله مرت ولم تسلم وكره أن يدع الجواب عنه، ثم رأى أن يكتب: دعها ولا تبال! وأنفذه إلى الحجاج، فأنكر ذلك لما وقف عليه، ودعا الكاتب فقال: لا أدري!؛ وكان إذا صدق لم يعاقب بشدته، فقال: أينفعني عندك الصدق أيها الأمير؟ قال: نعم، فأخبره الخبر، ودعا الحجاج بالجارية فسألها، فصدقته أيضاً ووافقته، فعفا عنهما، ووهبها له.