في مراتب ملكهما، إلى أن أجابا صوت المنادي، وخلا منهما النادي؛ وأفضى ملكهما وملك من كان بهذا الأُفق الشرقي يعني من الأندلس من تلك الطائفة العبدى المجابيب إلى عبد العزيز وهو الملقب بالمنصور، فنهل أبو عامر في دولته وعل، ونهض بأعباء مملكته واستقل.
وحكي أن مجاهداً كتب يوماً إلى المنصور عبد العزيز رقعة لم يضمنها غير بيت الحطيئة حيث يقول:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنّك أنت الطاعم الكاسي
فلما وردت على المنصور أقامته وأقعدته، وكاد يمرق من إهابه فضلاً عن ثيابه، واستحضر أبا عامر التاكرني، فقال له: تطأطأ لخطبك واسمع المراجعة عنه؛ وعنون وبسمل وكتب هذا البيت:
شتمت مواليها عبيد نزارها ... شيم العبيد شتيمة الأحرار
فسلا المنصور عما كان فيه، وألحق أبا عامر بوزرائه، فنال جسيماً من دنياه.