وتؤمنني على نفسي وولدي! فأنكر المعتضد ذلك وسأل عن سبب ما بلغه، فدافعه، فأمسك المعتضد وصرفه، وأحضر بدراً فأسمعه كل مكروه وقال: أنت أخبرت عبيد الله، ولم يحصل إلا على فساد نيته لنا! فحلف له بدر بأيمان صدقه فيها؛ ولما كان من غد حضر عبيد الله، فخلا به وألح عليه أن يعرفه من الذي رقى إليه ذلك؛ فقال: أخبرني به أحمد بن الطيب. فقال: كذب وإنما أراد التشوق عندك، فكن على ثقة، فليس لك عندي إلا ما تحبه. ثم قبض على أحمد بن الطيب وحبسه في المطامير إلى أن مات.
وقيل إن أحمد بن الطيب المذكور كان يقول للمعتضد: كثير من الأمور يخفى عليك ويستر دونك! فقال له يوماً: فما الدواء؟ فقال: توليني الخبر على بدر وعبيد الله؛ فقال: قد فعلت! قال: فإذ قد فعلت فاكتب لي رقعة! فكتب له بذلك، فأخذ التوقيع وجاء به إلى عبيد الله ليتقرب إليه، فأخذه عبيد الله، ثم وثب، فطلبه ابن الطيب فقال: أنا أخرجه إليك؛ ووكل به في داره وركب إلى بدر، فأقرأه إياه، فدخلا إلى المعتضد، فرمى عبيد الله بنفسه بين يديه وقال له: أنت نعشتني وابتدأتني بما لم أؤمله، وكل نعمة لي منك وبك وتفعل هذا بفلان! فقال: إنه يسعى عليكما عندي فأكره ذلك فاقتلاه وخذا ماله؛ فأُدخل في وقته إلى المطامير.