لا يجوز تأخيره، فوجه إليه: قد عرفت الخبر فانصرف فوجه إليه: إني قد استعملت في هذه الحال ما لا يحب من الأدب، ولا بد أن أُخاطبه! فأذن له، فلما مثل بين يديه حل سيفه وقال: يا أمير المؤمنين، دمي معقود بدم عبيد الله، فمتى هممت في أمره بشيء، أمرت في بمثله! فقال المعتضد: يبلغ من مقداره أن آمره بأمر فيعارضني فيه، ما أنا محتاج إلى رأيه، وإنما مجراه مجرى من ينفذ ما آمره به؛ فقال بدر: ليس يعاود ولا يجاوز ما تأمره به؛ فقال: امض فخذه! فخرج بدر، فكسر غلق الحجرة وأخذه، وتقدم إليه بترك المعارضة فيما يأمره به.
وكان المعتضد يصف عبيد الله بالدهاء والرجلة، فلما أشار إليه بإخراجه مع بدر إلى الجبل، وقع له أنه إنما أراد التخلص والبعد منه، فقال لبدر: قد استوحشت من عبيد الله لالتماسه الخروج، وقد عزمت على أن أقبض عليه، وأقلدك خراجها مكانه؛ فدافعه عن ذلك وراجعه، وكان أحمد بن الطيب قريباً منهما، وكان المعتضد يأنس به، فوقف على كلامهما، فمضى من فوره فعرف عبيد الله ما جرى، بعد أن أحلفه أن يستره، فقلق عبيد الله، ولم تسمح نفسه بكتمانه، فصار من غد إلى المعتضد ومعه ثلث جميع ما يملك من ضيعة وعقار ومال، فوضعه بين يديه وقال له: قد جعلت لك يا أمير المؤمنين جميع ملكي حلالاً طيباً