وليجعل حديث الأحبة وشأنهم حاديها وسائقها. ونور معرفتهم وارشادهم هاديا ودليلها , وصدق ودادهم وحبهم غذاءها وشرابها ودواءها , ولا يوحشه انفراده في طريق سفره. ولا يغتر بكثرة المنقطعين , فألم انقطاعه وبعاده واصل إليه دونهم وحظه من القرب والكرامة مختص به دونهم فما معنى الاشتغال بهم والانقطاع معهم؟ وليعلم أن هذه الوحشة لا تدوم بل هى من عوارض الطريق , فسوف تبدو له الخيام , وسوف يخرج إليه المتلقون يهنئونه بالسلامة والوصول اليهم , فيا قرة عينه إذ ذاك , ويا فرحته إذ يقول "يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ " (يس: 26 - 27).
ولا يستوحش مما يجده من كثافة الطبع وذوب النفس وبطء سيرها , فكلما أدمن على السير وواظب عليه غدوا ورواحا وسحرا، قرب من المنزل وتلطفت تلك الكثافة وذابت تلك الخبائث والادران , فظهرت عليه همة المسافرين وسيماهم , فتبدلت وحشته أنسا وكثافته لطافة ودرنه طهارة ".
هذا هو جسر النفس .. البلاء الأكبر .. والعائق الاشد .. يشبه الجسر المعلق الذي لا جوانب له يستند عليها السائر .. فهو خطر جدا لابد عند المرور عليه من التركيز والهدوء .. والتيقظ والانتباه لكل حركة يد ونقلة رجل .. والا .. فالسقوط.
نعم: انه جسر واهن .. من كثرة الذنوب والمعاصى .. ولذا كان