8 - ومنهم من يكون طريقه قطع العلائق وتجريد الهمة ودوام المراقبة ومراعاة الخواطر وحفظ الاوقات أن تذهب ضائعة.

9 - ومنهم جامع المنفذ، السالك إلى الله في كل واد الواصل إليه من كل طريق، فهو جعل وظائف عبوديته قبلة قلبه، ونصب عينه يؤمها أين كانت ويسير معها حيث سارت، قد ضرب من كل فريق بسهم، فأين كانت العبودية وجدته هناك: ان كان علم وجدته مع أهله، أو جهاد وجدته في صف المجاهدين، أو صلاة وجدته في القانتين، أو ذكر وجدته في الذاكرين، أو احسان ونفع وجدته في زمرة المحسنين، أو مراقبة ومحبة وانابة إلى الله وجدته في زمرة المحبين المنيبين، يدين بدين العبودية أنى استقلت ركائبها، ويتوجه اليها حيث استقرت مضاربها، لو قيل له: ما تريد من الاعمال؟ لقال: أريد أن أنفذ أوامر ربى حيث كانت وأين كانت، جالبة ما جلبت مقتضية ما اقتضت جمعتنى أو فرقتنى، ليس لي مراد الا تنفيذها والقيام بأدائها مراقبا له فيها، عاكفا عليه بالروح والقلب والبدن والسر، قد سلمت إليه المبيع منتظرا منه تسليم الثمن " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ " (التوبة: 111).

فهذا هو العبد السالك إلى ربه النافذ إليه حقيقة، ومن النفوذ إليه أن يتصل به قلبه ويعلق به تعلق المحب التام المحبة بمحبوبه فيسلو به عن جميع المطالب سواه فلا يبقى في قلبه الا محبة الله وأمره وطلب التقريب إليه.

فاذا سلك العبد على هذا الطريق عطف عليه ربه فقربه واصطفاه ,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015