واخذ بقلبه إليه وتولاه في جميع أموره في معاشه ودينه وتولى تربيته أحسن وأبلغ مما يربى الوالد الشفيق ولده فانه - سبحانه- القيوم المقيم لكل شىء من المخلوقات طائعها وعاصيها فكيف تكون قيوميته بمن أحبه وتولاه وآثره على ما سواه ورضى به من الناس حبيبا وربا ووكيلا وناصرا ومعينا وهاديا!! فلو كشف الغطاء عن ألطافه وبره وصنعه له من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم لذاب قلبه حبا له وشوقا إليه ولتقطع شكرا له، ولكن حجب القلوب عن مشاهدة ذلك اخلادها إلى عالم الشهوات والتعلق بالاسباب فصدت عن كمال نعيمها وذلك تقدير العزيز العليم. والا فأى قلب يذوق حلاوة معرفة الله ومحبته ثم يركن إلى غيره ويسكن إلى ما سواه؟! هذا ما لا يكون أبدا ".
استبانت الطريق .. رحمك الله يا شيخ الإسلام ويا علم الاعلام ابن القيم , فيا لك من علامة مرب ..
ورأيت تنوعها فالى أين تذهب وكيف تذهب؟! ومن الذي يوجهك ويحثك؟ ويرشدك ويستثيرك غير المربى؟! قالوا: والله لولا المربى ما عرفت ربى.
اذا فوظيفة هذا المربى أن يختار لك , وأن يقترح عليك , بل قد يلزمك أحيانا بما يخالف هواك وتظن أنك لا تفلح فيه وانت لا تصلح الا له.
وقد تصيح - أيها الأخ الشاب الكريم المفضال - وترفع عقيرتك سائلا: أين المربى؟ أين المربى؟ ..
وانا أقول لك: " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا " (الطلاق: 2 - 3).