3 - استقلال السّنّة بالتشريع: حيث جاءت أقوال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله بالكثير من التشريعات التي استقلّت بها؛ وقد جاء ذلك في جميع مجالات الشريعة، من عبادات، ومعاملات، وأخلاق. ومن ذلك:
ففي الصلاة، جاءت السّنّة بنوافل راتبة مع الصلوات الخمْس، كما جاءت بنوافل غير رواتب، كتحيّة المسجد، وصلاة العيديْن، والاستسقاء، والكسوف، وصلاة الجنازة، وقيام رمضان. وفيه جاء التنصيص باستقلالية السّنّة في تشريعه، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله فَرَض عليكم صيام رمضان، وسنَنْتُ لكم قيامَه)).
وفي الزكاة، جاءت السّنّة بصدقة الفِطر وصدقة التّطوّع. وفي الصيام، شرع بالسّنة صوم يوم الاثنيْن، والخميس، وثلاثة أيام في كلّ شهر. كما نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يوم العيديْن، وأيام التشريق، ويوم الشّكّ.
وفي الأنكحة نصّ القرآن الكريم على المُحرّمات بقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ... } الآية، ثم جاءت السّنّة ونصّت على تحريم الرضاع ما يَحرُم من النسب، ونهى عن الجمْع بين المرأة وعمّتها وخالتها. وفي الحدود جاء النص على حدّ الزاني للبِكر جَلْد مائة، فجاءت السُّنّة وجعلت مع الجلْد تغريب عام.
ثانيا: أجمعت الأمّة: أنّ خصائص السُّنة في التشريع كخصائص القرآن الكريم، من حيث الثبوت؛ ففيها المتواتر الذي لا يُمكن ردّه، وهو ما يُسمَّى: "قطعيّ الثبوت"، أي: كثبوت القرآن الكريم، وكذلك من حيث الإيجاز. وتفرّد حديثه -صلى الله عليه وسلم- بجوامع الكلِم، وأيضاً من حيث الدلالة من عموم وخصوص، ومُطلَق ومُقيّد، وناسخ ومنسوخ.