وقد تقبّلت الأمّة عبر تاريخها سُنّة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما تقبّلوا القرآن الكريم، ولم يُنكر ذلك إلاّ جاهل أو جاحد أو علمانيّ ملحد. وقد ظهرت في كل عصر جماعة منحرِفة في الفكر تُنكر السّنّة، وتعترض على الأخذ منها، وتشكِّك في صحة الأحاديث النبوية؛ وهم بذلك يريدون هدْم المصدر الثاني للتشريع، ويُغلقون أهمّ باب من أبواب الثقافة الإسلامية. وقد تعالى نقيق هذه الضفادع البشرية، ووصل فحيحهم المسموم إلى العقول عبْر بعض وسائل الإعلام والقنوات الفضائية، حيث تجرّؤوا بوقاحة وتبجّح في إنكار السُّنّة. وعلى العلماء والدّعاة: أن يقفوا لهذه الفئة الضالة بالمرصاد، يُفنِّدون آراءهم، ويكشفون للأمّة زيف أفكارهم، ويوضِّحون للمسلمين عَمالة هؤلاء لأعداء الإسلام.

ثالثاً: الأدلّة من القرآن والسُّنّة على حجِّيّة السّنّة، وأنها المصدر الثاني للشريعة والثقافة الإسلامية.

جاءت النصوص من الكتاب والسُّنّة وأجمعت الأمّة سلَفاً وخلَفاً: على وجوب اعتبار سُنّة الرسول -صلى الله عليه وسلم- هي المكوِّن الثاني لعقل الأمّة ولِفكرها وثقافتها. وقد جاءت الأدلّة على النحو التالي:

أ- ما جاء في القرآن الكريم، ومن ذلك:

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}؛ فقد تضمنت هذه الآية ثلاث مسائل:

الأولى: كوْن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مبلِّغاً عن الله.

الثانية: أنه -صلى الله عليه وسلم- لا يملك التّأخّر عن هذا التبليغ.

الثالثة: أنّ الله حفِظَه وضمِن سلامته وعصَمه، حتى يبلِّغ الرسالة على الوجه الأكمل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015