مصادر الثّقافة الإسلاميّة

إنّ مهمّة الدّعاة إلى الله مهمّة صعبة، ورسالة جليلة وعظيمة، توجب على مَن ينزل إلى ساحة الدّعوة: أن يكون واسعَ الاطّلاع، غزير الثقافة، مُحباً للقراءة، شغوفا بالمعرفة، يتنقل بين العلوم والمعارف مثْل النحلة التي تنتقل من زهرة إلى زهرة، ومن روضة إلى أخرى، تمتصّ الرحيق وترتشف العبير، لتخرجه عسلاً مصفىً فيه شفاء للناس. ونجد طعْم ورائحة العسل يحمل بين مذاقه نوعَ الزّهر والعبير الذي أخذت عصارته، وكذلك القارئ وطالب الثقافة، يظهر بين ثنايا عقله وأطراف لسانه، معالمُ وملامحُ ما قرأه وتثقّف به، ويصبح ذلك من مكوِّنات شخصيته. فإن سلامة الفكر، وصحة الاعتقاد، وحسْن المنطق، وروعة الأداء، هي دعائم الدّاعي إلى الله. فإنّ التأثير في جمهور المسلمين وغيرهم، واستمالتهم وإقناعهم، له أساليب متعدّدة من القول، وفنون مختلفة من البيان، وحُسن الاطلاع، ولا سيما في هذا العصر الذي تكاثرت وتضاربت فيه الآراء والأفكار، وتنوّعت فيه الحضارات والثقافات، وغدا كلّ صاحب فكْر يَبذل قصارى جهْده لنشْر معتقده ولو كان باطلاً أو منحرفاً. وأصبحت السيطرة على الرأي العام وتوجيهه لرأي معيّن من فوق المنابر، وفي المحافل وعبْر أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، يحظى باهتمام علماء النفس والتربية والاجتماع. وصار فنّ التوجيه والإرشاد علْماً له أصول وقواعد، يتسلّح بالتقنية العلمية العالية، وبأحدث أساليب التكنولوجيا الحديثة، ممّا يجعل موقف الدّعاة إلى الله وسط هذه الأمواج العاتية من الأفكار، صعباً للغاية. فإن لم يُعدّوا أنفسهم علمياً وثقافياً، وإن لم يتمرّسوا على كلّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015